أعلن الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” عن إطلاق مركز “دراسات” مبادرة للتضامن والتعاون البحثي والفكري بين مراكز البحوث والدراسات على مستوى دول العالم، تحت شعار “مجتمع فكري وإنساني واحد” وتتمثل في ربط تلك المراكز والمؤسسات في نسق واحد، لتبادل البيانات والأفكار، ونقل الخبرات والتجارب عن بُعد، بهدف المساهمة في التصدي للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية الناجمة عن انتشار فيروس (كوفيد 19).

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى “دراسات” السنوي في نسخته الثالثة، والذي انطلقت أعماله اليوم، عبر الاتصال الالكتروني المرئي، تحت عنوان “دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية: محاربة جائحة كورونا نموذجاً”، بمشاركة قادة رأي وخبراء وممثلي عدد من مراكز البحوث والدراسات الخليجية والعربية المرموقة.

وأوضح رئيس مجلس الأمناء، أن هذه المبادرة تستمد أهميتها وغايتها من الرؤية الملهمة، والقيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، بشأن أهمية تضامن دول العالم لمواجهة الوباء. كما ينبغي لمراكز الدراسات أن تسهم بدورها الإيجابي في تلك المواجهة، سواء من خلال دعم عملية صناعة القرار أم نشر الوعي بالمستجدات الجارية، سعيًا إلى تعزيز التبادل المعرفي، وبناء القدرات، فضلاً عن التنبؤ واستشراف ملامح المرحلة المقبلة، باقتراح وتقييم الخيارات الاستراتيجية المتاحة.

وأكد الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن مملكة البحرين قدمت نموذجًا حضاريًا في إدارة أزمة الوباء العالمي، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، والتي وجهت باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، والعمل الاستباقي لاحتواء التداعيات المحتملة. مضيفا: إن الفريق الوطني للتصدي للجائحة، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، استطاع إدارة الأزمة بشكل فعال وناجح بكل المقاييس، حيث اعتمد الشفافية والمبادرة عنواناً لعمله، فضلاً عن تبني آليات عملية ومبتكرة للسيطرة والتوعية، ولم يتم التفرقة بين مواطن ومقيم في الرعاية الصحية.

ونوه رئيس مجلس الأمناء إلى أن أزمة تفشي فيروس “كوفيد 19” جعلت البشرية جمعاء أمام وضع كارثي، وهو ما يمكن تسميته بـ “عولمة الوباء” وحملت الكثير من المآسي الإنسانية والأضرار المادية، بالنظر إلى أن عالمنا يواجه أزمة مركبة صعبة ومعقدة غير مسبوقة، سواء في ضخامتها أم تأثيرها، وتخطت جميع الحدود والأجناس، وخلفت تداعيات مؤلمة على الاقتصاد العالمي، إضافة الى بروز أزمات صحية وانسانية واقتصادية متعددة خلال هذه الكارثة العالمية، وكانت اختبارًا حقيقيًا لعناصر الأزمة الثلاثة وهي: (المفاجأة، والتهديد، وضيق الوقت المتاح لاتخاذ قرارات بشأنها) في ظل تضارب أو نقص المعلومات.

وأشار الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، إلى أن “عولمة الوباء” أعادت التأكيد على أن العالم قرية صغيرة، لكنها في الوقت نفسه، زعزعت الرهان على فعالية التعاون الدولي وقت المحنة، بعد أن تحولت الكثير من دول العالم إلى شبه عزلة وانغلاق في مواجهة الجائحة، مثمنا في هذا الإطار دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، خلال قمة قادة دول مجموعة العشرين، إلى العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول للقاحات بشكل عادل، وبتكلفة ميسورة لتوفيرها لكافة الشعوب دون استثناء.

وأعرب رئيس مجلس الأمناء، عن اعتزازه بأن مركز “دراسات” نهض بدور مهم في دعم جهود التصدي للجائحة من خلال تنظيم حوارات وندوات فكرية، لزيادة الوعي المجتمعي دون تهويل أو تهوين؛ وإصدار سلسلة متنوعة من التقارير والمقالات النوعية التي تناولت الأزمة من كافة جوانبها. كما قام المركز بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإجراء دراسة مسحية حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة “كورونا” على مملكة البحرين، إلى جانب دراسة أخرى عن تأثير الجائحة وتطبيق نظام العمل عن بُعد على صياغة الخطط الاستراتيجية المستقبلية لقطاع الموارد البشرية.

وقال الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة: “لقد حرصنا في منتدى هذا العام على تناول دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية لمكافحة جائحة فيروس (كورونا المستجد) بهدف تسليط الضوء على مساهمات المراكز الفكرية والبحثية، لاسيما في أوقات الأزمات، من خلال دورها في طرح البدائل والخيارات المناسبة، للتعامل مع ظرف استثنائي عالمي، ترك آثارًا واضحة على مختلف القطاعات التنموية والإنتاجية، ومجمل النشاط الإنساني”. معبرًا عن سروره بتفرد منتدى “دراسات” بطرحه الموضوعي، وتميزه في الحضور، وواقعية توصياته، بالإضافة إلى التركيز على استشراف سيناريوهات المستقبل. كما نجح كملتقى في تعزيز الشراكة بين الفكر الاستراتيجي ودوائر صنع القرار، انطلاقًا من مواكبته للنهج الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وترجمة مبادئ رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

وتركزت أعمال اليوم الأول للمنتدى على مناقشة محورين، حيث استعرض المحور الأول آثار الجائحة على المؤسسات الفكرية والبحثية ومدى استجابتها، بمشاركة الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، والدكتور فهد التركي نائب رئيس الأبحاث لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية. فيما تناول المحور الثاني تعاون مراكز الفكر مع المنظمات الوطنية في مواجهة الجائحة، بمشاركة الدكتور مصطفى السيد أمين عام المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، والدكتور فهد العرابي الحارثي رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، بهدف تحليل تأثير جائحة كورونا على عمل المؤسسات الفكرية والبحثية، من خلال تركيزها على توعية الرأي العام بأبعادها المختلفة، سواء بإصدار التقارير والمقالات العلمية أم تنظيم فعاليات افتراضية، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في التعرف على طبيعة تلك الأزمة وسبل مواجهتها.

ويشارك في المنتدي الذي تستمر أعماله ثلاثة أيام عدداً من المراكز والمؤسسات الفكرية، وهي المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، جامعة البحرين، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، مركز الخليج للأبحاث، مركز الإمارات للسياسات، مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، معهد الكويت للأبحاث العلمية، مركز الدراسات الاستراتيجية بالأردن، المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، والمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية.

يشار إلى أن منتدى “دراسات” السنوي، يمثل منصة متقدمة للحوار المفتوح والمسؤول، استحدثها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة منذ عام 2018م، كملتقى فكري جامع ومتفرد، من حيث الحضور والمناقشات والتوصيات، كأحد آليات المركز المتنوعة، لتنفيذ خططه، وتحقيق أهدافه، من خلال التركيز على تحليل السياسات، وتقييم القضايا والمستجدات، التي لها انعكاسات على مملكة البحرين ومنطقة الخليج، في ضوء رؤية استشرافية أكثر وضوحًا وشمولاً.

التغطية الإعلامية