أصدر مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، العدد العشرون من دوريته “دراسات”، حول أبرز القضايا المُتعلقة بالأمن البحري في المنطقة، وخاصة عند مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث جاء المثل الرئيس بعنوان “أمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر: بين المنظور الإقليمي والدولي”.
وفي افتتاحية الدورية بعنوان “الحفاظ على أمن الممرات البحرية مسؤولية إقليمية وعالمية”، أكد سعادة الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز “دراسات” ورئيس تحرير الدورية، أنه “إذا كانت سمة العلاقات بين دول العالم في الوقت الراهن هي التداخل والتشابك على نحوٍ غير مسبوق، فإن مجال الأمن البحري يُعد نموذجًا واضحًا يعكس ذلك التداخل بالنظر لتزايد اعتماد الدول على البحار والممرات المائية الدولية في تجارتها لرخص كلفة النقل البحري مقارنةً بغيره من وسائل النقل الأخرى، بما يعنيه ذلك من أن تأمين طرق مرور السفن التجارية وحمايتها ضد أي مخاطر يُعد مسؤوليةً تقع على عاتق دول العالم كافة”.
ويتضمن العدد أربعة دراساتٍ مُعمقةٍ تتناول القضايا المطروحة من زوايا مختلفة، حيث استعرضت تأثير التهديدات على مصالح دول الخليج العربي، وتجربة الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة التحالفات لتأمين الملاحة البحرية في منطقة الخليج العربي والدول المجاورة، فضلًا عن الرؤية الأوروبية للملاحة البحرية، ويتناول العدد أيضًا المنظور العربي للأمن البحري في البحر الأحمر والخليج العربي، كما يُغطي موضوعاتٍ أخرى ذات صلة، مثل التكامل الاقتصادي بين دول الخليج العربي وتطورات العلاقات الخليجية – التُركية.
وتدور الأفكار الرئيسة في ملف العدد حول أهمية تأمين الممرات المائية الدولية نظرًا لمواقعها الاستراتيجية والحيوية والترابط فيما بينها، ومن الأمثلة البارزة على ذلك البحر الأحمر، وهو الممر المائي الذي يربط مضيق باب المندب في الجنوب بقناة السويس في الشمال، حيث أصبح التأثير المُتبادل بين هذه الممرات واضحًا وبشكلٍ متزايد.
ولم تتردد القوى الكبرى إلى جانب دول الخليج العربي في مواجهة التهديدات الأمنية البحرية، سواءً من خلال الجهود التعاونية عبر الأزمات المُختلفة أو من خلال التدريبات البحرية المُشتركة التي تهدف إلى تعزيز القدرات البحرية لدول الخليج العربي. كما ركزت دول الخليج العربي بقوةٍ على تطوير قدراتها البحرية، مدفوعةً باستراتيجياتٍ لتوطين الصناعات الدفاعية ضمن خططها للتنمية المُستدامة، ويتجلى هذا الالتزام في إجراء مناورات بحرية مشتركة بشكل منتظم، بما في ذلك تمارين المحاكاة للاستعداد لسيناريوهات الكوارث والأزمات في البحر كما أشارت إليه الدورية.
وتواصل دورية “دراسات” أيضًا تقديم عروضٍ للكتب والتقارير الاستراتيجية، ومنها كتابٌ حول التداعيات الأمنية لتغير المُناخ، بالإضافة إلى إصدارٍ آخر يُغطي كتاب تهديدات الأمن البحري عالميًا مثل الإرهاب والقرصنة والصيد غير المشروع، فضلًا عن متطلبات الحفاظ على الأمن البحري.
كما تُغطي إصداراتٌ أخرى تم عرضها في الدورية تنويع دول الخليج العربية لشراكاتها مع تنامي العلاقات مع دول جنوب آسيا في المجالات الاقتصادية والأمنية، بالإضافة لإستعراضٍ لأحد التقارير الاستراتيجية الجديدة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، يُركز على البيئة الأمنية والتهديدات في الجنوب، مما يُمثل تطورًا مهمًا بشكلٍ مغايرٍ للتقرير الاستراتيجي الذي يصدر كل عشر سنوات ويتضمن رؤية الحلف للبيئة الأمنية العالمية بأسرها.
إن الأمثلة التي تستعرضها الدورية تُسلط الضوء على حقيقة مؤداها بأن التهديدات التي تواجه الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب لها عواقب بعيدة المدى، ليس فقط على النقل البحري ولكن أيضًا على مستقبل الأمن الإقليمي في هذه المنطقة الحيوية استراتيجيًا. والدورية متاحةٌ للجميع على موقع “دراسات” أو من خلال رابط المسح الضوئي.