كثيرةٌ هي الدراسات التي تناولت مفهوم الأمن الإقليمي ذلك المفهوم الذي تضمنه الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة الذي أتاح تأسيس تنظيمات إقليمية تنهض بدور ما في حفظ السلم والأمن الدوليين بما يتناسب مع مبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها، وضمن هذا السياق جاء تأسيس جامعة الدول العربية، ومن ثم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي جاء بدوره وفقا للمادة التاسعة من ميثاق جامعة الدول العربية والتي نصت على أن «لدول الجامعة العربية الراغبة فيما بينها في تعاون أوثق وروابط أقوى مما نص عليه هذا الميثاق أن تعقد فيما بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض…» ولست بصدد الحديث عن التكييف القانوني لنشأة تنظيمات الأمن الإقليمي أو دون الإقليمي بيد أنها كانت مقدمة ضرورية بشأن تلك التنظيمات ولكن ما أصبو إليه من هذا المقال هو تفاعلات الأمن داخل الأقاليم والتي حظيت بدورها باهتمام بالغ من جانب العديد من الباحثين والمنظرين الذين صاغوا العديد من الأطر التي يمكن من خلالها فهم تلك التفاعلات ومن بينها أنه في كل أقاليم العالم والتي غالبا ما تضم دولا تتباين ليس فقط في مساحاتها بل في خصائصها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإن التفاعلات تدور بين ثلاث قوى وهي القوى الخارجية والقوى المناوئة والقوى الموازنة، وعلى الرغم من أن طبيعة العلاقة بين دور كل من القوى الأولى والثانية سوف تحدد واقع ومسار الأمن الإقليمي سواء بالتهدئة أم باحتدام الصراع فإن دور القوة الموازنة يبقى جوهريا إذ إنه يجعل ذلك الصراع منضبطا، وبالتطبيق على منطقة الخليج العربي فإن القوى الخارجية تتمثل في كل القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وكذلك المنظمات الدفاعية مثل الناتو والتي لها مصالح وشراكات مع دول الخليج عكستها الاتفاقيات والشراكات المختلفة، أما القوة المناوئة فهي كانت العراق سابقا حين قام بغزو الكويت، وإيران حاليا، أما القوى الموازنة فهي دول الخليج.

 

د. أشرف كشك ، مدير الدراسات الاستراتيجية والدولية