يقول النائب الأول لرئيس مجلس الشورى السيد جمال فخرو في برنامج «بصريح العبارة» لـ«أخبار الخليج» رداً على سؤال مقدم عن الافتقار إلى الفرص الموجودة في البحرين «بلد فيها 450 ألف أجنبي، هل أعجز عن توظيف 20 ألف بحريني». وبصحيح العبارة، فإن الاقتصاد البحريني فعلاً قادر على توظيف آلاف البحرينيين، ولكن ما هو سبب وجود هذه النسبة من البطالة بين الشباب اليوم، الأمر الذي أصبح حديث الشارع البحريني منذ عدة سنوات. ولكي نجيب عن هذا السؤال، يجب معرفة المشكلة قبل إيجاد الحلول لها، فإيجاد الحل للمشكلة الخاطئة يتسبب بعواقب وخيمة سيستوجب دفع ثمنها كأي سياسة خاطئة.
عندما يتخرج الطالب البحريني، يقال له.. «دور على وظيفة»، فعلاً، فالبحث عن الوظيفة هي المهمة الرئيسية التي يجب على جميع الشباب أن يبحثوا عنها بعد تخرجهم. ولكن المشكلة تكمن في كيفية الحصول على الوظيفة المناسبة، بل يقال له «دور عن أي وظيفة» و«قدم في كل مكان» وكأن الحل لمشكلة البطالة ذاتها هي «البحث في كل مكان» عن الوظيفة. فكيف يمكن للخريج البحث عن وظيفة عندما يكون عدد المتقدمين المؤهلين للوظيفة كبيرا، الأمر الذي يجعل رحلة «البحث عن الوظيفة» صعبة نظراً للمنافسة الشرسة، علماً بأن أغلب الخريجين أقل خبرة عن غيرهم.
أود الإشارة هنا إلى أن صاحب العمل ليس عدواً لدوداً للخريجين، ولا يفضلون الأجانب على البحرينيين، ولا يعتبر الموظف الأجنبي ذا إنتاجية أعلى من الموظف البحريني. فالبحريني كما هو معروف في كل دول مجلس التعاون الخليجي موظف ذكي ويعمل بقلبه وبضميره وبكل طاقته وجهده. لذا، فعندما يتقدم الخريج إلى عمل ما، فإن أغلب أصحاب العمل يطرحون السؤال الآتي: «هل يمكن للمقدم على الوظيفة أن ينجز الأعمال الموكلة إليه؟» ثم تأتي العوامل الأخرى كمهارة التواصل، التعليم، والشهادات، وغيرها من العوامل التي يحددها صاحب العمل. ولكن لماذا يخفق بعض الخريجين لسنوات في الحصول على وظائف تليق بهم؟ قد تكون الأسباب عديدة، ولكن أهمها في وجهة نظري هي الافتقار إلى التوجيه.
أغلب الذين ينجحون في الحصول على الوظائف يكون لديهم موجه أو مرشد سواء كان من العائلة أو من خارج العائلة. يكتشف الموجه نقاط القوة والضعف لدى الشخص، ويسهم في موازنة توقعاته حول الوظائف والرواتب، وتلك المطلوبة وغير المطلوبة في سوق العمل، وغيرها من الأمور ذات الصلة. والأهم أن الموجه يعمل بشكل أساسي على تعزيز نقاط القوة للشخص، فعندما تكون لديه نقاط قوة في مهارات معينة (مثلاً، المهارات الخاصة بالبحث العلمي أو الهندسة أو غيرها)، فإن الموجه يعمل على تعزيزها من خلال إرشاده إلى الدورات التعليمية، وتشجيعه على التقدم للتدريب في الأماكن الصحيحة قبل التقديم للوظيفة، والعمل على صقل مهاراته الشخصية.
لدى الموجه دراية أن هناك عشرات الخريجين المتقدمين على نفس الوظيفة، مثلاً المقدمين على وظيفة المحاسبة، ولكن كيف يمكن أن يجعل الشخص الخيار الأفضل من بين المتقدمين على نفس فرصة العمل؟ قد يستشعر الموجه أن تكون اللغة الإنجليزية أو الشهادات المهنية المعتمدة أو صقل مهارة الكتابة والتحدث أو التدرب في شركات المحاسبة أو غيرها مهمة لاكتساح المنافسة الشرسة والفوز باختيار صاحب العمل له وبالتالي الحصول على الوظيفة. فهناك نقاط عديدة للقوة والضعف يمكن للموجه اكتشافها والعمل على تحسينها.
ومن هنا، فعندما يتقدم الشخص لوظيفة معينة وبفضل التوجيه والإرشاد المستمرين، تكون سيرته الذاتية وقدراته ومهاراته مناسبة لإنجاز الأعمال المطلوبة في الوظيفة اللائقة، كما يجعل فرصته وثقته في الحصول على فرصة العمل أكبر مقارنة من عشرات المقدمين المنافسين له لنفس الوظيفة.
لذلك، فأهمية عنصر التوجيه والإرشاد المبكر لاكتشاف المهارات ونقاط القوة والضعف للطلاب والخريجين حاسمة للحصول على الوظائف المناسبة التي تليق بهم بدلاً من البحث عن أي وظيفة.
المصدر: أخبار الخليج
على فقيه، أستاذ مشارك