التاريخ: 5 ديسمبر 2021

أكد سعادة الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، أن تجربة مملكة البحرين في التعامل مع تحدي جائحة كورونا كانت رائدةً على مستوى العالم، ومثالاً حياً لدور الكيانات البحثية في دعم السياسات فيما يتعلق بالتعامل مع تحدي مع جائحة كورونا.
جاء ذلك خلال كلمةٍ ألقاها الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أفتتح فيها أعمال الملتقى العالمي لمراكز الفكر الذي يُقام في مملكة البحرين، بمشاركة نخبة من مراكز الفكر والبحث العالمية بعنوان “المراكز الفكرية والمتغيرات العالمية في عصر الأزمات”، الذي بدأ اعماله في فندق السوفتيل اليوم الاثنين.
وأكد سعادته أن المملكة تمكنت من تحقيق إستجابةٍ نوعيةٍ للتعامل مع تحدي الجائحة بفضل الإدارة الحكيمة للقيادة الرشيدة، التي اعتمدت على البيانات المحلية في بناء السياسات الأكثر فاعليةٍ مع هذا التحدي، مما يؤشر على اهتمام مملكة البحرين بدور البحث العلمي واستشراف آفاق المستقبل أثناء عملية تقديم البدائل ودراستها لإتخاذ القرار المناسب.
وأوضح سعادته، لقد شكلت جائحة كورونا لحظة تحولٍ عالمية على جميع الأصعدة، أعادت صياغة أساليب ومنهجيات العمل في مختلف المجالات، وتحمل مركز “دراسات” مسؤوليته في هذا السياق من خلال تركز أعماله على المتابعة المستمر ة للجهود الوطنية على مستوى مكافحة الوباء، وما يتركه ذلك من تغيرات هيكلية على بنية المجتمع وممارسات المواطنين والمقيمين.
وأشار سعادته أن المركز واصل دوره في عملية دعم القرار القائم على أسس موضوعية بهدف ترجمة رؤية قيادة المملكة الحكيمة نحو بلورة صورة دقيقة وشاملة ترفد اتخاذ القرارات الصائبة في توقيتها المناسب، وتمكن من إصدار مجموعة من الدراسات المتصلة بالتعامل مع تحدي الجائحة، ذلك من خلال تحليل الأثر الإجتماعي والإقتصادي لكوفيد 19 بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واصدار عشرات الدراسات والتقارير حول مجالات مرتبطة بالجائحة.
ولفت سعادته إلى أن اهتمام مملكة البحرين بالبحوث والدراسات كمرتكزٍ لبناء السياسات، أدت إلى تقدم المملكة على مستوى العالم في إعطاء الجرعات المعززة ضد وباء كورونا، ولنسبةٍ كبيرةٍ جداً من المواطنين والمقيمين.
وأضاف سعادته أن التطورات الأخيرة التي حدثت في العالم تؤكد أكثر من أي وقتٍ مضى الحاجة إلى ربط السياسات بمخرجات المجتمعات البحثية، ذلك لبناء سياسات أكثر إستدامةٍ ومبنيةٍ على بيانات وتصوراتٍ منهجية.
وخلال الكلمة الرئيسة التي ألقتها سعادة الأستاذة هالة محمد جابر الأنصاري، الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة، أكدت أهمية القمة العالمية التي تُركز بشكلٍ أساسيٍ على إعادة تشكيل دور مراكز الفكر مع مراعاة التغيرات السريعة وغير المتوقعة التي يشهدها العالم اليوم، لتقديم خارطة طريقٍ جديدةٍ لصانعي السياسات والجمهور نحو تحقيق مستقبلٍ مزدهر، مشددةً على أنه حان الوقت بالفعل لعقد مثل هذا الحدث للفت الانتباه إلى المساهمة الرائعة للمرأة في مراكز الفكر والبحوث، ولإقرار أهمية جعل تقدم المرأة أولوية رئيسة على جدول الأعمال العالمي.
وأوضحت أن إطلاق المنصة العالمية للمرأة والفكر هي مبادرة جديرة بالثناء وسوف تُساعد بالتأكيد في تعميم قضايا المرأة في المناقشات الفكرية في جميع المجالات، لافتةً إلى أن هذه الخطوة ذات أهميةٍ قصوى حيث يواجه العالم تحديات جديدة تتطلب خطة إنعاش اقتصادية واجتماعية متوازنة تراعي التوازن بين الجنسين لإعادة تشكيل دور المرأة في القوى العاملة في مرحلة ما بعد الجائحة، والحفاظ على دورها كمساهمٍ رئيس في الاقتصاد الجديد .
وشددت الأنصاري على أن المرأة لعبت على مر التاريخ دوراً قوياً في معالجة بعض المشاكل الأكثر إلحاحاً في العالم مثل الرعاية الاجتماعية العالمية، والصحة، والتعليم، وتغير المُناخ، حيث تعمل النساء باستمرار على تعزيز برامج التنمية المستدامة.
وتطرقت إلى أن تجربة البحرين في تمكين المرأة والنهوض بها حيث أخذت في الاعتبار أهمية تبني نهج شامل لتحسين وضع المرأة في جميع مجالات التنمية، وقد تجلى ذلك من خلال إنشاء المجلس الأعلى للمرأة منذ عشرين عاماً، ووضع خطة وطنية لنهوض المرأة البحرينية بما يتماشى مع رؤية البحرين 2030 وأهداف التنمية المستدامة، التي يدعمها النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين كآلية حوكمة رائدة لواضعي السياسات وأصحاب المصلحة لضمان الإدماج السليم واستدامة التوازن بين الجنسين في المملكة، والمرصد الوطني لرصد التوازن بين الجنسين، الذي يتضمن أكثر من 4000 مؤشر لقياس أثر وضع المرأة في التنمية الوطنية، مقارنةً بالإحصاءات الإقليمية والدولية، وتقرير التوازن الوطني بين الجنسين الدوري لقياس مساهمة كل من الرجال والنساء في الاقتصاد، ويعتبر التقرير أحد الأدوات الرئيسية لمراقبة وتقييم تأثير تنفيذ النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين، بالإضافة إلى مشاريع بحثية من خلال مركز معلومات المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة لفهم أفضل لوضع المرأة في مختلف المجالات والتحديات التي تواجهها، والهدف من هذه المشاريع هو تقديم توصيات هادفة موجهة لسد الفجوات الملحوظة، والعمل على تأسيس مركز خاص لدراسات المرأة والتوازن بين الجنسين في الجامعة الملكية للبنات بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا).

وأجمع عدد من الخبراء الاستراتيجيين خلال الجلسة الأولى من جلسات الملتقى، التي جاءت بعنوان “قضايا السياسات والتحديات الاستراتيجية”، على خطورة تحدي جائحة كورونا كواحدٍ من أهم التحديات التي تواجه العالم في هذه المرحلة، مُحذرين من مخاطر استمرار فجوة التطعيم واللقاح بين قارات العالم.
وأكدوا أهمية نشر الوعي بضرورة الحصول على اللقاحات المضادة للفيروس لمواجهة متحورات كورونا، مُعتبرين أن التطعيم لم يعد قراراً شخصياً، حيث يجب أن تكون الأولوية حصول كل شخص في العالم على اللقاح.
وأشاروا إلى أن الجائحة غيرت بعض المفاهيم الأمنية والاستراتيجية، حيث صعدت قضايا الأمن الصحي والإنساني إلى أولويات الأمن في العالم، وبات توافر جهاز تنفس صناعي ذا أولويةٍ عند بعض البلدان.
وفي الجلسة الثانية بعنوان “محفزات كوفيد من أجل التغيير، الجيد، والسيئ، والخطير”، أكد مديروا عددٍ من مراكز الفكر العالمية أن جائحة كورونا فرضت تحديات مُشتركة على المراكز البحثية من أهمها مُشكلات التمويل التي هددت مشاريع بحثية عدة، وكذلك تحدي الإغلاق ومنع السفر مما دفع هذه المراكز لتعزيز استخدام التكنولوجيا والاستعانة ببرامج الاتصال المرئي لإقامة فعاليات مشتركة للتغلب على تعطل آلية الاجتماعات الحضورية، كما أنها أتاحت الفرصة لهم لاطلاع أعداد كبيرة من المتابعين على أنشطة المراكز الفكرية.
وفي جلسة الثالثة حول “الشراكات بين مراكز الفكر” أكد المُشاركون على أهمية تعزيز التعاون بين مراكز الفكر والبحوث ودورها في التعامل مع الأزمات والتحديات المُختلفة التي تواجه دول العالم، خاصةً بعد أن أظهرت جائحة كورونا، ضرورة الاستعداد المُبكر للأزمات لتجنب التداعيات الكارثية، التي يُمكن أن تنجم عنها على الصُّعد كافة، الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وتفعيل دورها في إحداث التغيير الإيجابي المنشود من خلال تخليق الأفكار الإبداعية والمبتكرة، وتوصيل نتائج أبحاثهم لأكبر عددٍ ممكنٍ من الناس. فيما سيواصل المُلتقى أعماله في يوم غدٍ الثلاثاء.

التغطية الإعلامية