Derasat https://www.derasat.org.bh Wed, 16 Apr 2025 12:11:25 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 https://www.derasat.org.bh/wp-content/uploads/2024/11/cropped-icon-d-32x32.png Derasat https://www.derasat.org.bh 32 32 تقرير دراسات السنوي لعام 2024 https://www.derasat.org.bh/ar/publications-ar-ar/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d9%88%d9%8a-%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85-2024 Wed, 16 Apr 2025 11:58:42 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149249

صدر مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” تقريره السنوي لعام 2024، الذي يُبرز محطات منجزاته، عبر منظومة متكاملة من الدراسات والبحوث،والفعاليات والإصدارات والشراكات الدولية، والمبادرات المستدامة، الهادفة إلى تعزيز حضوره الفكري في المجتمع البحثي على المستويين الإقليمي والدولي.

ويبرز التقرير مساهمات مركز “دراسات” في معالجة التحديات الاستراتيجية، وابتكار الحلول، وتعميق الحوار الفكري حول قضايا الأمن والطاقة والتنمية المستدامة، كما يستعرض أهم الفعاليات والأنشطة التي جمعت بين صُنّاع السياسات والخبراء والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
 
ويظهر التقرير التزام المركز بتعزيز البيئة البحثية والريادة على المستوى الفكري، وإثراء المشهد الوطني بجهود نوعية تعكس واقع مملكة البحرين في محيطها العالمي وتطلعاتها نحو المستقبل.

عرض التقرير

 

]]>
لماذا لا يشكل الاستثمار في بيئة الابتكار مخاطرة مالية؟ https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/economics-ar-ar/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%b4%d9%83%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d8%a6%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%aa%d9%83 Sun, 13 Apr 2025 06:52:37 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149236

بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬سعت‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصغرى‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬معرفي،‭ ‬بل‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬إلى‭ ‬اقتصادات‭ ‬صناعية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬متقدمة‭ ‬تعتمد‭ ‬بدرجة‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬سهلاً،‭ ‬إذ‭ ‬تبنت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬سياسات‭ ‬تنموية‭ ‬وابتكارية‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بـ«مخاطرة‭ ‬مالية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬إلى‭ ‬الفشل‭. ‬وكانت‭ ‬تايوان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬تُعدّ‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬‮«‬النمور‭ ‬الآسيوية‭ ‬الأربعة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬المخاطرة‭ ‬كانت‭ ‬تستحق‭ ‬العناء‭.‬

بدأت‭ ‬تايوان‭ ‬رحلتها‭ ‬التحولية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬عندما‭ ‬أنشأت‭ ‬معهد‭ ‬أبحاث‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الصناعية‭ ‬أو‭ ‬ITRIالذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دورٌ‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬انتشال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التايواني‭ ‬من‭ ‬طابعه‭ ‬الزراعي‭ ‬التقليدي،‭ ‬ووضع‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬المتقدم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭. ‬ويُعد‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬انتقال‭ ‬تايوان‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الفائقة‭. ‬

فمنذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬عام‭ ‬1973م،‭ ‬لعب‭ ‬المعهد‭ ‬دورًا‭ ‬جوهريًّا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الصناعة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭. ‬وقد‭ ‬حصل‭ ‬المعهد‭ ‬في‭ ‬بدايته‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬حكومي‭ ‬قدره‭ ‬نحو‭ ‬800‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬تايواني‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يُعدّ‭ ‬استثماراً‭ ‬ضخماً‭ ‬ومجازفة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التايواني‭ ‬آنذاك،‭ ‬لكنه‭ ‬عكس‭ ‬إرادة‭ ‬وطنية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬عبر‭ ‬التكنولوجيا‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬شهد‭ ‬التمويل‭ ‬الحكومي‭ ‬للمعهد‭ ‬تزايداً‭ ‬ملحوظاً،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬اتضاح‭ ‬دوره‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬التكنولوجي‭ ‬للدولة‭. ‬ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تراوحت‭ ‬ميزانيته‭ ‬السنوية‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تايواني‭ (‬حوالي‭ ‬500–650‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تشكل‭ ‬الحكومة‭ ‬نحو‭ ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التمويل،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬تأمين‭ ‬البقية‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬الأبحاث،‭ ‬والشراكات‭ ‬الصناعية،‭ ‬وترخيص‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬وتُخصص‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬لدعم‭ ‬مبادرات‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬والطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2025م،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬الميزانية‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭.‬77‭ ‬بالمئة‭ ‬لتبلغ‭ ‬25.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تايواني،‭ ‬في‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬نفوذ‭ ‬تايوان‭ ‬الدولي‭ ‬والحاجة‭ ‬المستمرة‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬الصناعية‭.‬

لقد‭ ‬استوحت‭ ‬تايوان‭ ‬سياساتها‭ ‬التنموية‭ ‬جزئياً‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬اليابان‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستخدام‭ ‬الدولة‭ ‬كفاعل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬وآليات‭ ‬نقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والصناعة‭.‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬يمكن‭ ‬لحكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬المستخلصة‭ ‬من‭ ‬النموذج‭ ‬التايواني،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬البحرين‭ ‬للابتكار‭ ‬والتكنولوجيا‮»‬‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مركز‭ ‬وطني‭ ‬للبحوث‭ ‬التطبيقية،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار‭ ‬الصناعي‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬دون‭ ‬إثقال‭ ‬كاهل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتماد‭ ‬آلية‭ ‬بسيطة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬اقتطاع‭ ‬نسبة‭ ‬1‭ ‬بالمئة‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الميزانيات‭ ‬السنوية‭ ‬لكل‭ ‬وزارة‭ ‬وهيئة‭ ‬حكومية،‭ ‬لتكوين‭ ‬صندوق‭ ‬وطني‭ ‬للابتكار‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الأولي‭ ‬للمشروع‭. ‬وسيكون‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬تطوير‭ ‬قطاعات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬والتصنيع‭ ‬المتقدم،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المالية،‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬الواعدة‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تركيز‭ ‬جهود‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وتطوير‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والأوساط‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والصناعية،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬النموذج‭ ‬أن‭ ‬يُحدث‭ ‬أثراً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬واسعاً،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمنافس‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬بجدية‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬دخلها‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬قد‭ ‬تُعد‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬مجازفة‭ ‬مالية‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬لتحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬التجارب‭ ‬الدولية‭ ‬الناجحة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المخاطرات‭ ‬المحسوبة‮»‬‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬التنمية‭ ‬الحقيقية‭. ‬فهل‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬تطبيقها؟

يتجه‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة‭ ‬نحو‭ ‬الرقمنة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ويأتي‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭. ‬تُعد‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬بناء‭ ‬بيئة‭ ‬داعمة‭ ‬للابتكار‭ ‬وجذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقارير‭ ‬محلية،‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬115‭ ‬شركة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2024م‭ ‬ونمت‭ ‬عدد‭ ‬الشركات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬بالمائة‭ ‬منذ‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬نموًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭.‬

لعبت‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬المالية‭. ‬وتميز‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬بتبنيه‭ ‬إطارًا‭ ‬تنظيميًّا‭ ‬مرنًا‭ ‬وداعمًا‭ ‬للابتكار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شجع‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬منصة‭ ‬الاختبار‭ ‬التنظيمي‮»‬‭ (‬الساندبوكس‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017م،‭ ‬والتي‭ ‬سمحت‭ ‬للشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬باختبار‭ ‬حلولها‭ ‬المبتكرة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬خاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬باللوائح‭ ‬والتشريعات‭ ‬المالية‭ ‬التقليدية‭. ‬وساعدت‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬المدفوعات‭ ‬الرقمية،‭ ‬تقنية‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬والخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المفتوحة،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية،‭ ‬أسهمت‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬التقليدية‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تشجيع‭ ‬إقامة‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬والشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬علاقة‭ ‬تكافلية‭ ‬تدعم‭ ‬الابتكار‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬المفتوح‭ ‬واعتماد‭ ‬لوائح‭ ‬الحوسبة‭ ‬السحابية‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬البحرين‭ ‬كوجهة‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تطور‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬تبرز‭ ‬فرص‭ ‬كبيرة‭ ‬لتصدير‭ ‬الخبرات‭ ‬والحلول‭ ‬البحرينية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭. ‬فالبحرين‭ ‬تتميز‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬التمويل‭ ‬الإسلامي‭ ‬الرقمي،‭ ‬والمدفوعات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وتقنيات‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬والمتقدمة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬البحرينية‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬خارجيًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفهم‭ ‬الأطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬والقانونية‭ ‬المعقدة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭.‬

ولتصدير‭ ‬الخبرات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬فينبغي‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عاملين‭ ‬مهمين‭: ‬الدعم‭ ‬المؤسسي‭ ‬لشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬وإجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدعم‭ ‬المؤسسي،‭ ‬فينبغي‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬والقانونية‭ ‬المعقدة‭ ‬خارج‭ ‬الدولة‭. ‬فسيكون‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والبرامج‭ ‬الموجهة‭ ‬مثل‭ ‬خدمات‭ ‬الاستشارات‭ ‬القانونية‭ ‬وبرامج‭ ‬دخول‭ ‬الأسواق‭ ‬أمرا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لمساعدة‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬دوليًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬للشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

وأما‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث،‭ ‬فتلعب‭ ‬الأخيرة‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬حول‭ ‬البيئات‭ ‬التنظيمية،‭ ‬والاحتياجات‭ ‬السوقية،‭ ‬والمنافسة‭ ‬الدولية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬مختلف‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭. ‬فيمكن‭ ‬للدراسات‭ ‬أن‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬مثل‭ ‬المخاطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬أو‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬أو‭ ‬العوائق‭ ‬البيروقراطية‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يمكن‭ ‬للدراسات‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الفروقات‭ ‬التنظيمية‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والدول‭ ‬المستهدفة‭. ‬فكل‭ ‬سوق‭ ‬لديه‭ ‬إطاره‭ ‬القانوني‭ ‬الخاص،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬المتبع‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يمثل‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نموذجًا‭ ‬ناجحًا‭ ‬للابتكار‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية‭ ‬الداعمة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المتطورة‭ ‬فرصًا‭ ‬واعدة‭ ‬للنمو‭ ‬المحلي‭ ‬والتوسع‭ ‬العالمي‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتطلب‭ ‬تعزيز‭ ‬صادرات‭ ‬الخبرات‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬دعمًا‭ ‬مؤسسيًّا‭ ‬قويًّا‭ ‬ودراسات‭ ‬متخصصة‭ ‬لفهم‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية،‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬وترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬وعالمي‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭.‬

المصدر: أخبار الخليج

علي فقيه، محلل أول 

]]>
المدير التنفيذي لمركز “دراسات” يستقبل وكيل وزارة المواصلات والاتصالات https://www.derasat.org.bh/ar/media-center-ar-ar/derasat-blog-ar-ar/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%81%d9%8a%d8%b0%d9%8a-%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d9%88 Thu, 10 Apr 2025 15:22:06 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149224

استقبل السيد عبدالله محمد الأحمد، المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، سعادة السيدة فاطمة عبدالله الظاعن، وكيل وزارة المواصلات والاتصالات للنقل البري والبريد، في مقر المركز، وذلك يوم الخميس 10 ابريل 2025.

وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون بين مركز “دراسات”، والوزارة في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم أهداف التنمية الوطنية، ويواكب أولويات مملكة البحرين.

]]>
هل يمكن استهداف المنشآت النووية الإيرانية؟ https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/international-strategic-studies-ar-ar/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d9%85%d9%83%d9%86-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%b4%d8%a2%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1 Mon, 07 Apr 2025 07:40:18 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149189

«‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتوصَّلوا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق،‭ ‬فسيكون‭ ‬هناك‭ ‬قصف‭ ‬لم‭ ‬يروا‭ ‬مثيله‭ ‬من‭ ‬قبل‮»‬‭ ‬تصريح‭ ‬لافت‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬لإحدى‭ ‬القنوات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مؤكداً‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بديل‭ ‬عدم‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬هو‭ ‬مواجهة‭ ‬قصف‭ ‬عسكري‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لمنشآتها‭ ‬النووية،‭ ‬بينما‭ ‬جاء‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬أميركي‭ ‬أو‭ ‬إسرائيلي‭ ‬سيُواجه‭ ‬بضربة‭ ‬انتقامية‭ ‬قاسية‮»‬،‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬نشهد‭ ‬فيها‭ ‬خطاباً‭ ‬حاداً‭ ‬بين‭ ‬مسؤولي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ونظرائهم‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬الجديد‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬متغيرين‭ ‬مهمين‭ ‬للغاية‭ ‬أولهما‭: ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬الخطاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحاد‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬إرسال‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‭  ‬أمريكية‭ ‬للمنطقة‭ ‬لتضاف‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬قاذفات‭ ‬بي‭ ‬2‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬قنابل‭ ‬تزن‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬رطل‭ ‬مخصصة‭ ‬لاستهداف‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬كبيرة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬التقليدي‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭  ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭  ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والقرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬43‭ ‬ألفا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القوات‭ ‬الاحتياطية،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬بالطبع‭ ‬إيران‭ ‬لديها‭ ‬صواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬وطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬‮«‬الدرونز‮»‬‭ ‬متقدمة‭ ‬للغاية‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬المتغير‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬تأثير‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وهي‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬والتطورات‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واستهداف‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬والحوثيين‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬الإقليمي‭ ‬لإيران‭ ‬بما‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإجبار‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬للتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬بشأن‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭.‬

ولست‭ ‬هنا‭ ‬بصدد‭ ‬المقارنة‭ ‬العسكرية‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستند‭ ‬ليس‭ ‬إلى‭ ‬تقديرات‭ ‬رقمية‭  ‬بحتة‭ ‬بل‭ ‬طريقة‭ ‬الحرب‭ ‬ذاتها‭ ‬ورد‭ ‬إيران‭ ‬المتوقع‭ ‬حال‭ ‬استهداف‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬والتي‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬ردوداً‭ ‬تقليدية‭ ‬،ولكن‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬طبيعة‭ ‬الأزمة‭ ‬و‭ ‬بمفهوم‭ ‬الأزمات‭ ‬نحن‭ ‬لانزال‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬أزمة‭ ‬التلاعب‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬يختبر‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬قدرات‭ ‬الآخر‭ ‬ولم‭ ‬نشهد‭ ‬بعد‭ ‬تطورات‭ ‬ذلك‭ ‬الوضع‭ ‬نحو‭ ‬مراحل‭ ‬متقدمة‭ ‬وهي‭ ‬التوريط‭ ‬وحافة‭ ‬الهاوية‭ ‬والانفلات،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬واقعي‭ ‬فإن‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬إن‭ ‬حدثت‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬الفرص،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬بمقدور‭ ‬إيران‭ ‬انتهاج‭ ‬استراتيجية‭ ‬شراء‭ ‬الوقت‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬الحشود‭ ‬العسكرية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬فاعلية‭ ‬الدور‭ ‬الأوروبي‭ ‬حالياً‭ ‬إذ‭ ‬تشهد‭ ‬علاقات‭ ‬أوروبا‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توتراً‭  ‬ملحوظاً،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬شراكات‭ ‬إيران‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬مهمة‭ ‬،ففي‭ ‬تصريح‭ ‬للمتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬طالبت‭ ‬الصين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬وإظهار‭ ‬النوايا‭ ‬الحسنة‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬والتهديدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬مسؤول‭ ‬الأمن‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬‮«‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬ضد‭ ‬الحلول‭ ‬القسرية،‭ ‬وضد‭ ‬العدوان،‭ ‬وضد‭ ‬الضربات‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدمه‭ ‬روسيا‭ ‬لإيران‭ ‬حال‭ ‬تعرض‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬لهجوم؟‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬وانخراط‭ ‬روسيا‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والمصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لروسيا‭ ‬تعني‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تخوض‭ ‬حرباً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيران،‭ ‬وكذلك‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬دقيق‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭.‬

وعود‭ ‬على‭ ‬ذي‭ ‬بدء‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬المهم‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الضربة‭ – ‬إن‭ ‬حدثت‭- ‬وتداعياتها‭ ‬الإقليمية؟‭  ‬وهو‭ ‬تساؤل‭ ‬يعني‭ ‬الخبراء‭ ‬العسكريين‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬ولكن‭ ‬مجمله‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬تعرف‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬أماكن‭ ‬وجود‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية؟‭ ‬فقبيل‭ ‬إبرام‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬أوباما‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬تعالت‭ ‬أصوات‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬آنذاك‭ ‬مطالبة‭ ‬بتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬للمنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬فطلب‭ ‬الرئيس‭ ‬تقريراً‭ ‬لمواقع‭ ‬تلك‭ ‬المنشآت‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬تقديم‭ ‬16‭ ‬موقعا‭ ‬مفترضا؟‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وفق‭ ‬تقديرات‭ ‬استخباراتية‭ ‬دقيقة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬ذي‭ ‬فائدة‭ ‬ملموسة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬طموح‭ ‬إيران‭ ‬النووي،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬فإن‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تقوم‭ ‬بتلك‭ ‬الضربة‭ ‬ربما‭ ‬تحتاج‭ ‬لإذن‭ ‬مرور‭ ‬إما‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬تركيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬معارضة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬بل‭ ‬أنها‭ ‬أدانت‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أحداث‭ ‬غزة،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثالثة‭ ‬تثار‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الضربات‭ ‬هل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬أم‭ ‬تأجيلها؟‭ ‬فالبرامج‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬ليست‭ ‬منشآت‭ ‬نووية‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬علماء‭ ‬وكميات‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬ومختبرات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الضمانات‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬تلك‭ ‬الضربة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬جميعها؟‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لم‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالنظام‭ ‬العراقي‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراءات‭ ‬احترازية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تأمين‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬فوفقاً‭ ‬لخبراء‭ ‬أنها‭ ‬مزودة‭ ‬بصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬ذاتية‭ ‬الإطلاق‭ ‬حال‭ ‬تعرضها‭ ‬لهجوم،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬رابعة‭ ‬فإن‭ ‬الطبيعة‭ ‬الجغرافية‭ ‬لإيران‭ ‬ومساحتها‭ ‬الشاسعة‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬قدراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬المناورة‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬القوات‭ ‬المعادية‭.‬

ويبقى‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني،‭ ‬فإذا‭ ‬عدنا‭ ‬للتاريخ‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬تحتفظ‭ ‬بقواتها‭ ‬للحظة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وتثار‭ ‬توقعات‭ ‬منها‭ ‬إمكانية‭ ‬استهداف‭ ‬القواعد‭  ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬وفق‭ ‬تصريح‭ ‬مسؤول‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬10‭ ‬قواعد‭ ‬و50‭ ‬ألف‭ ‬جندي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬زيادة‭ ‬وتيرة‭ ‬تهديد‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬عبر‭ ‬الحوثيين،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لن‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬إغلاق‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬فلم‭ ‬تقم‭ ‬بذلك‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭- ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الثمانينيات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬عداء‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬سبل‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬إيران‭ ‬للجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬للحوثيين‭ ‬أمر‭ ‬ذو‭ ‬دلالة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬المصالح‭ ‬الحيوية‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ستكون‭ ‬محل‭ ‬تهديد‭ ‬وخاصة‭ ‬محطات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والمنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬الأخرى‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬احترازية‭ ‬بل‭ ‬ومساعي‭ ‬حميدة‭ ‬لنزع‭ ‬فتيل‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نبرة‭ ‬الحديث‭ ‬الحادة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬لاتزال‭ ‬هناك‭ ‬فرص‭ ‬لجهود‭ ‬الوساطة‭ ‬إذ‭ ‬توجد‭ ‬لدى‭ ‬الطرفين‭ ‬النية‭ ‬لتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬ولكن‭ ‬المعضلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬التفتيش‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬عموماً‭ ‬ومجمل‭ ‬ملفات‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬خيار‭ ‬المواجهات‭ ‬المسلحة‭ ‬والتحالفات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬بها‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬أمنية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬

المصدر: أخبار الخليج

الدكتور أشرف كشك، باحث أول

]]>
مجلس أمناء مركز  “دراسات”  يستعرض إنجازات الربع الأول من العام الجاري https://www.derasat.org.bh/ar/media-center-ar-ar/derasat-blog-ar-ar/%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%b3-%d8%a3%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a7-11 Thu, 03 Apr 2025 12:09:25 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149181

أكد معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وزير المواصلات والاتصالات رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، مواصلة المركز مبادراته العلمية والمعرفية والفكرية كمؤسسةٍ بحثيةٍ رائدةٍ تسهم في تقديم دراساتٍ وتحليلاتٍ تدعم صُنع القرار، وتخدم المسيرة التنموية الشاملة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبدعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. 

جاء ذلك خلال ترؤس معاليه الاجتماع الأول لمجلس أمناء مركز “دراسات” لهذا العام، بحضور السادة أعضاء المجلس الدكتور محمد إبراهيم العسيري، والشيخ فهد بن عبدالرحمن آل خليفة، والدكتور خليفة بن علي الفاضل، والدكتورة الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة، والسيدة مها عبدالحميد مُفيز، بالإضافة إلى الدكتور حمد إبراهيم العبدالله، المدير التنفيذي للمركز، وذلك في مقر المركز بعوالي.

وفي بداية الاجتماع، رفع معالي الوزير رئيس مجلس أمناء “دراسات” أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك، داعيًا المولى عز وجل أن يعيده على الشعب البحريني والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع بالخير والسلام والازدهار. 

وأعرب عن تقديره لعطاء الشباب البحريني من الجنسين، وإبداعاتهم العلمية والفكرية والبحثية، بمناسبة الاحتفاء بيومهم الوطني في الخامس والعشرين من مارس من كل عام، مثمنًا إسهاماتهم في دعم مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في ظل الرعاية الملكية السامية وتوجهات الحكومة، ومبادرات سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. 

واستعرض مجلس أمناء “دراسات” أنشطة وفعاليات المركز خلال الربع الأول من العام الجاري، وأبرز منجزاته في إعداد الدراسات والبحوث والتحليلات الاستراتيجية وتنظيم ورش العمل، والندوات، والملتقيات والحوارات الفكرية، والمشاركة في منتديات إقليمية ودولية عززت مكانته كمنصة للبحث والتحليل الاستراتيجي، وحضوره الإعلامي في الصحف المحلية والدولية، وغيرها من الإسهامات البحثية، إلى جانب اعتماده التقرير المالي للسنة المالية 2024. 

وأشاد مجلس الأمناء بتقدم الشراكات البحثية مع مؤسسات فكرية وأكاديمية وعلمية وطنية ودولية، منوهًا بالتعاون المثمر مع مراكز الفكر المصرية، في إطار مقررات اللجنة الحكومية البحرينية – المصرية المشتركة، من خلال عقد اجتماعات مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمنتدى العالمي للدراسات المستقبلية، والتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وغيرها من أوجه التعاون مع المؤسسات العربية والدولية والمنظمات الأممية في دعم العمل البحثي والفكري والتنموي المستدام. 

وأشار مجلس الأمناء إلى أهمية الحوارات الفكرية المتخصصة التي نظمها المركز، حول موضوعات حيوية مثل الطاقة، العلم المفتوح، الموسوعات الأجنبية، ودور الإرشاد في دعم التطور المهني للشباب البحريني، والاهتمام بتطوير الحلول البحثية المبتكرة في قطاع الطاقة المستدامة، والاستفادة من التكنولوجيا والابتكار في تطوير الأبحاث المستقبلية. 

ونوه بتأسيس “لجنة البحث العلمي في مجال الأمن السيبراني”، باعتبارها خطوةً نوعيةً تهدف إلى تطوير الدراسات المتخصصة في الأمن السيبراني، عبر الاستفادة من خبرات الباحثين والأكاديميين بالتعاون مع المركز الوطني للأمن السيبراني، ومركز ناصر العلمي والتقني، وجامعة البحرين، وجامعة الخليج العربي، وبوليتكنك البحرين؛ في إطار بيئةٍ بحثيةٍ متكاملةٍ تسهم في تعزيز أمن المعلومات والتصدي للتحديات السيبرانية. 

وأكد معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وزير المواصلات والاتصالات رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” مواصلة المركز مبادراته العلمية ومشاريعه الفكرية والبحثية، اعتمادًا على الكفاءات البشرية والشراكة وتبادل الخبرات مع المؤسسات الوطنية والعربية والدولية، ومواكبة المُتغيرات الإقليمية والدولية، بما يعزز دوره الريادي في مجال البحث العلمي ويدعم أهداف التنمية المستدامة، بالتوافق مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030. 

]]>
تعيين عبدالله الأحمد مديرًا تنفيذيًا لمركز “دراسات”  https://www.derasat.org.bh/ar/media-center-ar-ar/derasat-blog-ar-ar/%d8%aa%d8%b9%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1%d9%8b%d8%a7-%d8%aa%d9%86%d9%81%d9%8a%d8%b0%d9%8a%d9%8b%d8%a7 Thu, 03 Apr 2025 11:44:35 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149168

أعلن معالي الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وزير المواصلات والاتصالات رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” عن تعيين السيد عبدالله محمد الأحمد، مديرًا تنفيذيًا للمركز. 

وبهذه المناسبة، رحب الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، بالسيد عبدالله الأحمد، وهنأه على توليه منصب المدير التنفيذي، مُبديًا كامل الدعم والمساندة له، لمواصلة ترسيخ المكانة الرفيعة لمركز “دراسات”، بما يسهم في تعزيز دوره وجدارته، كمؤسسة بحثية شاملة، وبيت خبرة دولي، معربًا معاليه عن تمنياته له بالتوفيق والسداد في مهام عمله. 

كما أشاد رئيس مجلس الأمناء، بما قدمه الدكتور حمد ابراهيم عبدالله، المدير التنفيذي السابق للمركز من عطاء مشهود، كان له أكبر الأثر في تطوير منظومة العمل على كافة المستويات، متمنيًا له دوام النجاح في مسؤولياته المقبلة. 

الجدير بالذكر، أن السيد عبدالله الأحمد، لديه سيرة ذاتية متميزة، تتضمن تجارب متنوعة وإنجازات مشرفة، إذ يتمتع بخبرة واسعة في العمل البحثي، ويمثل إضافة نوعية لمسيرة عمل مركز “دراسات”. 

]]>
رؤى الأمن الإقليمي لدول الخليج العربي https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/international-strategic-studies-ar-ar/%d8%b1%d8%a4%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%82%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%8a-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%8a%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a Mon, 31 Mar 2025 07:52:00 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149201

لطالما‭ ‬أثير‭ ‬الحديث‭ ‬والجدل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬ليس‭ ‬بجديد‭ ‬بل‭ ‬تجسده‭ ‬تنظيمات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬الآسيان‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬الناتو،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وإقليمياً‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إثارة‭ ‬ذلك‭ ‬الجدل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يتسم‭ ‬بالعمومية‭ ‬وإنما‭ ‬ينسحب‭ ‬إلى‭ ‬مفردات‭ ‬ذلك‭ ‬المصطلح‭ ‬الأمن‭ ‬والإقليم،‭ ‬فمفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬يرتبط‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬وثيق‭ ‬بالتطورات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وخاصة‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬مبادرة‭ ‬أمنية‭ ‬لدول‭ ‬تربطها‭ ‬أواصر‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬الأمن‭ ‬يتم‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬وفق‭ ‬مصالح‭ ‬واحتياجات‭ ‬أطرافه،‭ ‬فأمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬شراكات‭ ‬أمنية‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬جسدتها‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬ويتم‭ ‬تجديدها،‭ ‬ولكن‭ ‬مصطلح‭ ‬الإقليم‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬فدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬إقليم‭ ‬يضم‭ ‬أطرافاً‭ ‬أخرى‭ ‬تتباين‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬السياسية‭ ‬بل‭ ‬والرؤى‭ ‬الأمنية‭ ‬أيضاً‭ ‬وهي‭ ‬إيران‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭ ‬ولها‭ ‬رؤى‭ ‬وسياسات‭ ‬أمنية‭ ‬مغايرة‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬دول‭ ‬تقع‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬واحد،‭ ‬والتساؤل‭ ‬المهم‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلتقي‭ ‬الرؤيتان‭ ‬لتعكسا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬حوارا‭ ‬إقليميا‭ ‬مستداما‭ ‬حول‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬

الإجابة‭ ‬التقليدية‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬بها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬وهذا‭ ‬طبيعي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تطورات‭ ‬الأحداث‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أكدت‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬لأدنى‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الحوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬متطلب‭ ‬أساسي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬بالضرورة‭ ‬هيكلا‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تجارب‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬مصالح‭ ‬متناقضة‭ ‬لأطرافها‭ ‬وخبرات‭ ‬عززت‭ ‬من‭ ‬مناخ‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الإقليمية‭.‬

‭ ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬رؤية‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬مضامين‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬آليات‭ ‬لتحقيقه‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬تتمثل‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬أمرين‭ ‬أولهما‭: ‬أنها‭ ‬صدرت‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬كمنظمة‭ ‬وبالتالي‭ ‬هي‭ ‬نهج‭ ‬جماعي،‭ ‬والثاني‭: ‬تضمنت‭ ‬قضايا‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬أولويات‭ ‬لأمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مبادرات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الأطراف‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭ ‬تعكس‭ ‬رؤيتها‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬ذاته‭ ‬دائما‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬العالم؟،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬معادلة‭ ‬النفط‭ ‬مقابل‭ ‬الأمن،‭ ‬فالمنطقة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬ممرات‭ ‬مائية‭ ‬استراتيجية‭ ‬للملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬العالمية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬ليس‭ ‬أقلها‭ ‬المشروعات‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬مبادرات‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬ومنها‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬الصين،‭ ‬والممر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأوروبا،‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬يتجاوز‭ ‬البعد‭ ‬العسكري‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬للقوى‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬حضور‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭.‬

المبادرات‭ ‬الأمنية‭ ‬المطروحة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القوى‭ ‬والمنظمات‭ ‬الغربية‭ ‬لأمن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬تحالفات‭ ‬لمواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬أحادي‭ ‬وليس‭ ‬تجاه‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬كمنظمة‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬سواء‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الأمنية‭ ‬الثنائية‭ ‬أو‭ ‬مبادرة‭ ‬إسطنبول‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬الناتو‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الصيغ‭ ‬الجماعية‭ ‬للمبادرة‭ ‬الروسية‭ ‬لأمن‭ ‬الخليج‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬ومبادرة‭ ‬الصين‭ ‬لأمن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬وأخيراً‭ ‬مبادرة‭ ‬الشراكة‭ ‬الأوروبية‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬لم‭ ‬تعكس‭ ‬خططاً‭ ‬واضحة‭ ‬بشأن‭ ‬هيكل‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬إما‭ ‬تضمنت‭ ‬مبادئ‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬ربط‭ ‬الخليج‭ ‬بجغرافيا‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقاً‭ ‬نحو‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬محدودية‭ ‬هدف‭ ‬الأمن‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأهداف‭ ‬والمصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬وتوقيت‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬فإنها‭ ‬تعكس‭ ‬حقيقة‭ ‬مهمة‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هيكل‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وعود‭ ‬على‭ ‬ذي‭ ‬بدء‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أمن‭ ‬إقليمي‭ ‬سواء‭ ‬رؤية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬أو‭ ‬التحرك‭ ‬الجماعي‭ ‬الخليجي‭ ‬لدعم‭ ‬سوريا‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬النهج‭ ‬التصالحي‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وإيران،‭ ‬وتسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬ومأسستها،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تنتظم‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬إقليمي‭ ‬يضم‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬اليمن‭ ‬التي‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬مجدداً،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬ألقت‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأولويات‭ ‬والجهود‭ ‬التي‭ ‬يتركز‭ ‬جلها‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬لذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الممتد‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬إقليمي‭ ‬يضم‭ ‬أطراف‭ ‬المنظومة‭ ‬الإقليمي،‭ ‬فدول‭ ‬الخليج‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬موحدة‭ ‬لمهددات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أولوياتها‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تعكس‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار،‭ ‬أما‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭ ‬وهي‭ ‬إيران‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬رؤى‭ ‬مختلفة‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬ليس‭ ‬صراع‭ ‬أجندات‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬توافقات‭ ‬بهدف‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬أولاً‭ ‬وذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬إجراءات‭ ‬وجهود‭ ‬كبيرة‭ ‬ثم‭ ‬تحديد‭ ‬أولويات‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬عليها‭ ‬تستهدف‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تحتم‭ ‬ذلك‭ ‬التعاون‭ ‬ومنها‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬وفرص‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬عموماً‭.‬

‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬إيجاد‭ ‬هيكل‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬ولكن‭ ‬لذلك‭ ‬متطلبات‭ ‬أهمها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬وحل‭ ‬الخلافات‭ ‬المزمنة‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوار‭ ‬مؤسسي‭ ‬له‭ ‬صفة‭ ‬الديمومة‭ ‬والهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬التعاوني‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬هو‭ ‬السمة‭ ‬الأساسية‭ ‬لتفاعلات‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المقال‭ ‬هي‭ ‬النموذج‭ ‬المثالي‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬مؤداه‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬هو‭ ‬وليد‭ ‬بيئته‭ ‬ويعكس‭ ‬مصالح‭ ‬أطرافها‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬قوة‭ ‬تلك‭ ‬الأطراف‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬واقع‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬طموحاً‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بيئة‭ ‬دولية‭ ‬سريعة‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القوى‭. ‬

المصدر: أخبار الخليج

الدكتور أشرف كشك، باحث أول

]]>
رسالة ترامب لخامنئي.. رؤية الخليج وخيارات إيران https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/international-strategic-studies-ar-ar/%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d9%84%d8%ae%d8%a7%d9%85%d9%86%d8%a6%d9%8a-%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%8a%d8%ac-%d9%88%d8%ae%d9%8a%d8%a7%d8%b1 Mon, 24 Mar 2025 07:28:06 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149095

بعد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشد‭ ‬والجذب‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإيران‭ ‬بشأن‭ ‬حث‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬يضمن‭ ‬عدم‭ ‬تحول‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية،‭ ‬أشارت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬بعث‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدكتور‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش‭ ‬المستشار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لرئيس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬سلمها‭ ‬لوزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معتاد‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬المهمة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مضامينها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسريبات‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬أنها‭ ‬تتضمن‭ ‬منح‭ ‬إيران‭ ‬مهلة‭ ‬شهرين‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬وإلا‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬عواقب‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬ستحل‭ ‬المشكلة‮»‬‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬وصف‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬لإحدى‭ ‬المحطات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وقبيل‭ ‬تسلم‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬كان‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إنهم‭ ‬يطرحون‭ ‬مطالب‭ ‬جديدة‭ ‬لن‭ ‬تقبلها‭ ‬إيران‭ ‬مثل‭ ‬قدراتنا‭ ‬الدفاعية،‭ ‬ومدى‭ ‬صواريخنا،‭ ‬ونفوذنا‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وألا‭ ‬نتواصل‭ ‬مع‭ ‬جهات‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬تصريح‭ ‬يعكس‭ ‬جوهر‭ ‬المشكلة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬فحسناً‭ ‬فعلت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نقل‭ ‬الرسالة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أحد‭ ‬مسؤولي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬طالبت‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬لأنها‭ ‬معنية‭ ‬بالقضية‭ ‬النووية‭ ‬سواء‭ ‬تمت‭ ‬تسويتها‭ ‬سلماً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خيارات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬سلمية،‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬الإيرانية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصرها‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬فهناك‭ ‬التسلح‭  ‬الإيراني‭ ‬التقليدي‭ ‬ومجمل‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي‭  ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬المسالة‭ ‬النووية‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬انتهاء‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬مسارا‭ ‬تصالحيا‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬والتصريحات‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تجاه‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬فهناك‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬الخلافات‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ورؤية‭ ‬الجانبين‭ ‬لأمن‭ ‬وتسمية‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭  ‬والصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬لحل‭ ‬قبيل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬والمتتبع‭ ‬لسياسات‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يجد‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬عدائية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بل‭ ‬رجحت‭ ‬كفة‭ ‬الجغرافيا‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬ولكن‭ ‬مجمل‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬استقراراً‭ ‬مما‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬استمرار‭ ‬حالة‭ ‬حياد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تجاه‭ ‬أزمات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬

‭ ‬وعود‭ ‬على‭ ‬ذي‭ ‬بدء‭ ‬ومع‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬خيارات‭ ‬إيران‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬رسالة‭ ‬ترامب؟‭ ‬أخذاً‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬ما‭ ‬تردد‭ ‬بأن‭ ‬ترامب‭ ‬أشار‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬مفاوضات‭ ‬مطولة‭ ‬ولكن‭ ‬مدة‭ ‬شهرين‭ ‬للتوصل‭ ‬لاتفاق،‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والتحولات‭ ‬الدولية‭ ‬الراهنة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬حسابات‭ ‬أمريكية‭ ‬مغايرة‭ ‬للإدارات‭ ‬السابقة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الثوابت‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬والتي‭ ‬تتخذ‭ ‬بعداً‭ ‬عسكرياً‭ ‬عنيفاً‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬مسارات‭ ‬تفاوضية‭  ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬لديها‭ ‬خياران‭  ‬أولهما‭: ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬بحيث‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬توجه‭ ‬إيراني‭ ‬لعدم‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬سلمية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬أمام‭ ‬إيران‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬إنجاز‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬زمني‭ ‬حدده‭ ‬ترامب‭ ‬بشهرين‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬استراتيجية‭ ‬شراء‭ ‬الوقت‭ ‬هي‭ ‬جوهر‭ ‬المفاوضات‭ ‬السابقة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬حصراً‭ ‬حول‭ ‬البرامج‭ ‬النووية‭ ‬دون‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬إيران‭ ‬الإقليمي‭ ‬وهي‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬وسوريا‭ ‬والضربات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬الحوثيين‭ ‬حيث‭ ‬ألقى‭ ‬ترامب‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬جراء‭ ‬هجماتهم؟‭ ‬ويقودنا‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الخيار‭ ‬الثاني‭: ‬وهو‭ ‬رفض‭ ‬إيران‭ ‬التفاوض‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الخيارات‭ ‬الأخرى،‭ ‬ومازلت‭ ‬من‭ ‬المؤيدين‭ ‬لاستبعاد‭ ‬هجوم‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬ليس‭ ‬أقلها‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬هو‭ ‬تدمير‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فهل‭ ‬تعرف‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬اليقين‭ ‬أماكن‭ ‬مكونات‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬العلماء‭ ‬وكميات‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب،‭ ‬وما‭ ‬الضمانات‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الضربة‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬شامل‭ ‬لمكونات‭ ‬ذلك‭ ‬البرنامج؟‭ ‬بل‭ ‬والأهم‭ ‬ما‭ ‬طبيعة‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني،‭ ‬ويعيد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬تحذيرا‭ ‬أمريكيا‭ ‬لإيران‭ ‬خلال‭ ‬إحدى‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬والذي‭ ‬تضمن‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬النيران‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فكان‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬أيضاً،‭ ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬يهدد‭ ‬من؟‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الفرصة‭ ‬كانت‭ ‬سانحة‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬لتلك‭ ‬المنشآت‭ ‬خلال‭ ‬المواجهات‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭.‬

وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬السيناريوهين،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬النفوذ‭ ‬الإقليمي‭ ‬يعد‭ ‬عاملاً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬مستقبلية‭ ‬وكذلك‭ ‬تأثير‭ ‬كل‭ ‬الخيارات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬أوراق‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬الراهنة‭ ‬لدى‭ ‬إيران،‭ ‬صحيح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬تأثير‭ ‬تراجع‭ ‬دور‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وأحداث‭ ‬غزة‭ ‬وسوريا‭ ‬وما‭ ‬ستؤول‭ ‬إليه‭ ‬الضربات‭ ‬ضد‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬الإقليمي‭ ‬لإيران‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لدى‭ ‬إيران‭ ‬أوراق‭ ‬قوة‭ ‬ومنها‭ ‬أنها‭ ‬دولة‭ ‬بحرية‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تهديد‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬وعرقلتها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬وكذلك‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬حالياً،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الضبابية‭ ‬بشأن‭ ‬برامجها‭ ‬النووية‭ ‬وتسلحها‭ ‬التقليدي‭ ‬بل‭ ‬والأهم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬منتجاً‭ ‬ومصدراً‭ ‬للطائرات‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬‮«‬الدرونز‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬سعيها‭ ‬لتوظيف‭ ‬التطورات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬والتي‭ ‬تصب‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬في‭ ‬المصلحة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬الشقاق‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬والانشغال‭ ‬الأمريكي‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مما‭ ‬أتاح‭ ‬الفرصة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬لتوظيف‭ ‬ما‭ ‬أحدثته‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬ثغرات‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يتعين‭ ‬عليها‭ ‬إيصال‭ ‬رسالة‭ ‬جماعية‭ ‬للطرفين‭ ‬مفادها‭ ‬أنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬وسيط،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الحيلولة‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬مسارات‭ ‬غير‭ ‬تفاوضية‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ستكون‭ ‬أمام‭ ‬خيارات‭ ‬بالغة‭ ‬التعقيد‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬تهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حروب‭ ‬تقليدية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬وكذلك‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬أي‭ ‬مواجهات‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬خليجي‭ ‬جماعي‭ ‬تجاه‭ ‬طرفي‭ ‬الصراع‭. ‬

المصدر: أخبار الخليج

الدكتور أشرف كشك، باحث أول

]]>
رسائل المناورات البحرية الروسية – الصينية – الإيرانية https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/international-strategic-studies-ar-ar/%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%8a Tue, 18 Mar 2025 07:51:27 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149092

المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬تتجاوز‭ ‬كونها‭ ‬تدريبات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المختلفة‭ ‬للدول‭ ‬بهدف‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬القوات،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬استعراض‭ ‬للقوة‭ ‬ورسالة‭ ‬ردع‭ ‬للأطراف‭ ‬المعادية‭ ‬بألا‭ ‬تقوم‭ ‬بفعل‭ ‬عدائي‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وربما‭ ‬تحمل‭ ‬المناورات‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬أيضاً‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تجيء‭ ‬أهمية‭ ‬المناورات‭ ‬البحرية‭ ‬المشتركة‭ ‬‮«‬حزام‭ ‬الأمان‭ ‬2025‮»‬‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬جابهار‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬إيران،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تحملها‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت؟

بداية‭ ‬ينبغي‭ ‬التأكيد‭ ‬أنها‭ ‬المرة‭ ‬الخامسة‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬فيها‭ ‬مناورات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬ووفقاً‭ ‬للمصادر‭ ‬تتضمن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬ضرب‭ ‬أهداف‭ ‬بحرية‭ ‬وعمليات‭ ‬صعود‭ ‬وتفتيش‭ ‬وسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأضرار‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬والإنقاذ‭ ‬المشتركة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سفن‭ ‬وفرقاطات‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث‭ ‬بلغت‭ ‬15‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬وسفن‭ ‬دعم‭ ‬وقوارب‭ ‬قتالية‭ ‬وطائرات‭ ‬مروحية،‭ ‬وقد‭ ‬يبدو‭ ‬للبعض‭ ‬أنها‭ ‬تمرينات‭ ‬بحرية‭ ‬نمطية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬حيوية‭ ‬للأمن‭ ‬البحري‭ ‬للأطراف‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التمرينات،‭ ‬كما‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬ثلاثة‭ ‬تشهد‭ ‬علاقاتها‭ ‬توتراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬يلاحظ‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬إيران،‭ ‬إما‭ ‬التفاوض‭ ‬وإما‭ ‬خيارات‭ ‬أخرى‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬حصول‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقارير‭ ‬تفيد‭ ‬بتراكم‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬لدى‭ ‬إيران‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬اقترابها‭ ‬فعلياً‭ ‬من‭ ‬النسب‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحويل‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬السلمية‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية،‭ ‬ودخول‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬التفاعل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداء‭ ‬الاستعداد‭ ‬لممارسة‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬بشأن‭ ‬المسألة‭ ‬النووية‭ ‬وتأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬حلها‭ ‬سلمياً‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬محادثات‭ ‬أمريكية‭-‬روسية،‭ ‬وأمريكية‭-‬أوكرانية‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مع‭ ‬تصعيد‭ ‬ميداني‭ ‬واضح،‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬متصل‭ ‬لا‭ ‬تتسم‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭-‬الصينية‭ ‬بالهدوء‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬تجارية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألمنيوم‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دون‭ ‬استثناءات‭ ‬أو‭ ‬إعفاءات،‭ ‬حيث‭ ‬ردت‭ ‬الصين‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفة‭ ‬جمركية‭ ‬مماثلة‭ ‬بنسبة‭ ‬15%‭ ‬على‭ ‬الفحم‭ ‬والغاز‭ ‬المسال،‭ ‬و10%‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬ومعدات‭ ‬الزراعة‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

‭ ‬وعودا‭ ‬على‭ ‬بدء،‭ ‬ففي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬رسائل‭ ‬أمنية،‭ ‬إذ‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬اتهامات‭ ‬غربية‭ ‬لإيران‭ ‬بتزويد‭ ‬روسيا‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‮«‬‭ ‬درونز‮»‬‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬الأمني‭ ‬والعسكري‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وإيران‭ ‬ضمن‭ ‬اتفاق‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬متضمناً‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة،‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬تعد‭ ‬استكمالاً‭ ‬للتعاون‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وكذلك‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية،‭ ‬فالدول‭ ‬الثلاث‭ ‬لديها‭ ‬قضايا‭ ‬خلافية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬أخذاً‭ ‬بالاعتبار‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لن‭ ‬تبلغ‭ ‬حد‭ ‬الشراكة،‭ ‬فهناك‭ ‬سقف‭ ‬للمناورة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المجال‭ ‬البحري‭ ‬الذي‭ ‬توليه‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬فإيران‭ ‬دولة‭ ‬بحرية‭ ‬وتولي‭ ‬تطوير‭ ‬موانئها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬ذاته‭ ‬تعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬نفوذها‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهناك‭ ‬توجيهات‭ ‬مستمرة‭ ‬بتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية،‭ ‬أما‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬نأت‭ ‬بنفسها‭ ‬طويلاً‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬فأضحت‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬تصاعد‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬أعلنت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬إرسال‭ ‬الأسطول‭ (‬46‭) ‬ويضم‭ ‬مدمرة‭ ‬صواريخ‭ ‬وفرقاطة‭ ‬صواريخ‭ ‬وسفينة‭ ‬إمداد‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ضابط‭ ‬وجندي،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مروحيتين‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الأسطول،‭ ‬أما‭ ‬روسيا‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬بتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬لإقامة‭ ‬قاعدة‭ ‬بحرية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬تلك‭ ‬المؤشرات‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬النفوذ‭ ‬البحري‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث‭ ‬يزداد‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬حسابية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬كم‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬بحرية؟‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الجيواستراتيجي‭ ‬ودلالات‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجهود‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬أمن‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬عموماً‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬ذاته‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬حدود‭ ‬المناورة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تعكسها‭ ‬التقاء‭ ‬إرادات‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬لإجراء‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬متواتر‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية؟‭ ‬تساؤل‭ ‬له‭ ‬وجاهته‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الأولي‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬بشأن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬غير‭ ‬قلق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بشأن‭ ‬المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‮»‬،‭ ‬تصريح‭ ‬ذو‭ ‬دلالة‭ ‬ولا‭ ‬يعكس‭ ‬فقط‭ ‬حجم‭ ‬القوة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬مضامين‭ ‬علاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدول‭ ‬الثلاث‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬واقعي،‭ ‬فمهما‭ ‬بلغت‭ ‬درجة‭ ‬التقارب‭ ‬الروسي‭-‬الإيراني،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬علاقات‭ ‬روسيا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والتي‭ ‬تشهد‭ ‬تحسناً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬مجدداً،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬روسيا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إيران‭ ‬قوة‭ ‬نووية،‭ ‬وكان‭ ‬واضحاً‭ ‬عدم‭ ‬معارضة‭ ‬روسيا‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬جراء‭ ‬برامجها‭ ‬النووية،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬فبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬والعكس‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬انهيار‭ ‬اقتصاد‭ ‬الصين،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والتي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬المد‭ ‬والجزر،‭ ‬ولكنها‭ ‬لن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬وحتى‭ ‬بافتراض‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬روتينية‭ ‬تجري‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بانتظام‭ ‬فإن‭ ‬القراءة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لسياسات‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ (‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭) ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬لنفوذ‭ ‬إقليمي،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصين‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬متطلبات‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬فإن‭ ‬لروسيا‭ ‬أهدافا‭ ‬بتوطيد‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬ارتكاز‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬فقدت‭ ‬وجودها‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬أما‭ ‬إيران‭ ‬فإنها‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تأثرت‭ ‬بالتطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وخاصة‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬دون‭ ‬الدول‭ ‬فإن‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬يظل‭ ‬مجالاً‭ ‬آخر‭ ‬للنفوذ‭.‬

‭ ‬ومجمل‭ ‬القول‭ ‬أمران،‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬المنافع‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬شراكات‭ ‬أم‭ ‬تحالفات،‭ ‬والثاني‭: ‬أن‭ ‬الشراكات‭ ‬لا‭ ‬تبنى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬زمني‭ ‬بسيط‭ ‬ولكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سنوات‭ ‬ولا‭ ‬يشترط‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تغير‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬وتداخل‭ ‬مستوياته‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬الثابت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬ورقة‭ ‬تفاوضية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬المشهدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭. ‬

المصدر: أخبار الخليج

الدكتور أشرف كشك، باحث أول

]]>
أوكرانيا بين شقي رحى .. القوة الروسية والحسابات الأمريكية https://www.derasat.org.bh/ar/research-and-analysis-ar-ar/international-strategic-studies-ar-ar/%d8%a3%d9%88%d9%83%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b4%d9%82%d9%8a-%d8%b1%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84 Mon, 10 Mar 2025 06:26:28 +0000 https://www.derasat.org.bh/ar/?p=149089

استقطبت‭ ‬المشادة‭ ‬الكلامية‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬ونظيره‭ ‬الأوكراني‭ ‬فولوديمير‭ ‬زيلينسكي‭ ‬اهتمام‭ ‬الملايين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭ ‬أن‭ ‬تجرى‭ ‬مناقشات‭ ‬حول‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة،‭ ‬حيث‭ ‬اعتدنا‭ ‬أن‭ ‬تلتقط‭ ‬عدسات‭ ‬المصورين‭ ‬ابتسامات‭ ‬اللقاءات‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬المحادثات‭ ‬قد‭ ‬جرت‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مغاير،‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬أعاد‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬نقاشا‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬عندما‭ ‬سألني‭: ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لديك‭ ‬نصيحة‭ ‬للرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬فما‭ ‬هذه‭ ‬النصيحة؟‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬فوراً‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬لمنع‭ ‬الغزو،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إجابتي‭ ‬مقنعة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬الناتو‭ ‬وكونه‭ ‬عامل‭ ‬ردع‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬للقارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ولكن‭ ‬معضلة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كما‭ ‬أشرت‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬سابقة‭ ‬أنها‭ ‬تصنف‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬‮«‬بالدولة‭ ‬العازلة‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬متصارعة‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عقلانية‭ ‬القرارات‭ ‬ورشادتها‭ ‬تظل‭ ‬متطلباً‭ ‬للنخب‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬يهم‭ ‬روسيا‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬انضمام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو،‭ ‬ولكن‭ ‬مؤشرات‭ ‬توجه‭ ‬أوكرانيا‭ ‬نحو‭ ‬ذلك‭ ‬الهدف‭ ‬كانت‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭.‬

وربما‭ ‬تكون‭ ‬القصة‭ ‬معروفة‭ ‬للكثيرين،‭ ‬ولكن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬ذاته‭ ‬الآن‭: ‬ما‭ ‬خيارات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني؟‭ ‬هل‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬لروسيا‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬تسوية‭ ‬الأزمة‭ ‬وفقاً‭ ‬للوضع‭ ‬الميداني‭ ‬والتضحية‭ ‬بما‭ ‬فقدته‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬أراض‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية؟‭ ‬أو‭ ‬القبول‭ ‬بالمقترحات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مظلة‭ ‬أوروبية‭ ‬للأمن؟

رد‭ ‬الفعل‭ ‬الروسي‭ ‬تجاه‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬زيلينسكي‭ ‬قبول‭ ‬التفاوض‭ ‬جاء‭ ‬سريعاً‭ ‬وعلى‭ ‬لسان‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬رفضاً‭ ‬قاطعاً‭ ‬هدنة‭ ‬سلام‭ ‬مؤقتة‭ ‬وقال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬موسكو‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تختار‭ ‬سلاماً‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يضمن‭ ‬أمن‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬وتنميتها‭ ‬المستدامة‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نختار‭ ‬لأنفسنا‭ ‬خيار‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬يناسبنا‭  ‬ويعكس‭ ‬ذلك‭ ‬قوة‭ ‬وواقع‭ ‬الموقف‭ ‬الروسي‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجهاً‭ ‬تجاه‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬للغرب‭ ‬والقارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬انكشافها‭ ‬أمنياً‭ ‬وحاجتها‭ ‬لبديل‭ ‬أمني‭ ‬يتكامل‭ ‬مع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬ولا‭ ‬يتعارض‭ ‬معه،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الروسي‭ ‬إثارة‭ ‬ملفات‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬أجندة‭ ‬المحادثات‭ ‬الموسعة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنها‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ففي‭ ‬تصريح‭ ‬للناطق‭ ‬الرئاسي‭ ‬الروسي‭ ‬دميتري‭ ‬بيسكوف‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬تطور‭ ‬علاقات‭ ‬متبادلة‭ ‬المنفعة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬ومستعدة‭ ‬لبذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬النووية‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬شريكة‭ ‬وحليفة‭ ‬لروسيا‮»‬،‭ ‬ويعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تداخل‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مع‭ ‬ملفات‭ ‬أخرى‭ ‬شائكة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬خصماً‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مؤكد،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الحرب‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬لروسيا‭ ‬فإن‭ ‬الأخيرة‭ ‬لديها‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانات‭ ‬لاستمرار‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة،‭ ‬ويتمثل‭ ‬الخيار‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬زيلينسكي‭ ‬بالمقترحات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجميد‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الضمانات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬لأن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ليست‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك؟‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬يتضمن‭ ‬ذلك‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬اتفاق‭ ‬مينسك‭ ‬الموقع‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬فهناك‭ ‬حرب‭ ‬دامية‭ ‬رتبت‭ ‬خسائر‭ ‬للطرفين‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬أمر‭ ‬واقع،‭ ‬أخذاً‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬زيلينسكي‭ ‬ذاته‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الخيار‭ ‬المفضل‭ ‬لدى‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للمضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬سلام‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬محادثات‭ ‬بالفعل‭ ‬بين‭ ‬شخصيات‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وزعماء‭ ‬المعارضة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬فإن‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬زيلينسكي‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬لديها‭ ‬استعداد‭ ‬لتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬أفضلية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬معادن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬أمر‭ ‬ذو‭ ‬دلالة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الخيار‭ ‬الثالث‭ ‬وهو‭ ‬المظلة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لأمن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إجماع‭ ‬أوروبي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬تتداخل‭ ‬عضوية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دوله‭ ‬مع‭ ‬عضويتها‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬تصريح‭ ‬مارك‭ ‬روته‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬واضحاً‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬عضوية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬يمكن‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اتفاقية‭ ‬سلام‮»‬،‭ ‬وعوداً‭ ‬إلى‭ ‬المظلة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬حيث‭ ‬يلاحظ‭ ‬تأرجح‭ ‬التأييد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬إعلان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تخصيص‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬لدعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وإعلان‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬استعدادها‭ ‬لإرسال‭ ‬جنود‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬نيران‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬حيث‭ ‬لن‭ ‬يتدخل‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجنود‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬اعتداءً‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬الحلف‭ ‬وفقاً‭ ‬لمضمون‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة،‭ ‬بل‭ ‬وتصريح‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لوضع‭ ‬ترسانة‭ ‬بلاده‭ ‬النووية‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬الأوروبيين‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الروسية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬روسيا‭ ‬تهديداً‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬طويلاً‭ ‬ليكون‭ ‬لديه‭ ‬بديل‭ ‬أمني‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬وكان‭ ‬لافتاً‭ ‬مشاركة‭ ‬الرئيس‭ ‬زيلينسكي‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬عقدها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬وتم‭ ‬تخصيصها‭ ‬لدعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومناقشة‭ ‬تطوير‭ ‬مظلة‭ ‬أمنية‭ ‬أوروبية‭ ‬عموماً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توتر‭ ‬العلاقات‭ ‬الأوروبية‭- ‬الأمريكية‭ ‬وأكدت‭ ‬خلالها‭ ‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬أنها‭ ‬لحظة‭ ‬وجودية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬تحفظ‭ ‬المجر‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كان‭ ‬حاضراً‭. ‬

‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬عدم‭ ‬توقع‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬السيناريوهات،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬تعارض‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لقوى‭ ‬بينها‭ ‬توازن‭ ‬للقوى‭ (‬روسيا،‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭) ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬تفوق‭ ‬نسبي‭ ‬لروسيا،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬بها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬وهي‭ ‬دراسة‭ ‬سلوك‭ ‬الدول‭ ‬العازلة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬وفقاً‭ ‬لمصالحها‭ ‬ولكن‭ ‬ضمن‭ ‬قدرات‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أراضي‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬فاصلاً‭ ‬بينهما،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬تحولات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬ذاتها،‭ ‬فمن‭ ‬حوالي‭ ‬65‭ ‬مليار‭ ‬قدمتها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬توقف‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬لتلك‭ ‬المساعدات‭.‬

إن‭ ‬مقولتي‭ ‬لا‭ ‬عدو‭ ‬دائم‭ ‬ولا‭ ‬صديق‭ ‬والمصالح‭ ‬تتصالح‭ ‬تتجسدان‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬حتماً‭ ‬ستكون‭ ‬محور‭ ‬اهتمام‭ ‬باحثي‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬مستقبلاً.        ‬

المصدر: أخبار الخليج

الدكتور أشرف كشك، باحث أول

]]>