المياه الافتراضية، هو مفهوم حديث نسبياً ظهر في منتصف التسعينيات، المياه الافتراضية هي كمية المياه المستهلكة لإنتاج السلع الزراعية التي يتم تصديرها إلى مناطق الشح المائي، وبالتالي يمكن أن ينظر إلى تجارة الأغذية الدولية كتجارة في المياه الافتراضية، فمثلاً انتاج كيلوغرام واحد من الرز يتطلب حوالي 2500 لتر من المياه فعندما تستورد البحرين الأرز فكأنها أيضاً تستورد المياه التي استخدمت لانتاج هذه السلعة. واردات المياه الافتراضية يمكن أن تخفّف الضغط عن الموارد المائية. ففي الدول الشحيحة بالمياه، من الأفضل استيراد المياه الافتراضية من خلال استيراد الغذاء بدلًا من استخدام المياه المحلية النادرة.
تجارة المياه الافتراضية هي المفتاح لتحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي في آن واحد. يمكن النظر إلى المياه الافتراضية باعتبارها أهم خيار لمواجهة التحدي في توفير الأمن الغذائي الذي يرتبط إلى حد كبير بالأمن المائي عن طريق تجارة المياه الافتراضية. تحقيق الأمن الغذائي هو من أهم أولويات الدول، ولهذا نجد أن دول الخليج الشحيحة بالماء لا تزال تشجع على الزراعة محلياً كي لا تكون معتمدة على الدول الأخرى في غذائها. ففي دول مجلس التعاون الخليجي 85% من إجمالي استهلاك المياه يذهب للاستهلاك الزراعي. أما في البحرين 45% من استهلاك المياه يذهب إلى قطاع الزراعة، ومعظم المياه التي تذهب للقطاع الزراعي هي المياه الجوفية الناضبة.
مازالت مملكة البحرين تهتم بزيادة الزراعة محلياً وتم إطلاق المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي في 2010 التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي لضمان الأمن الغذائي النسبي، وعدم الاعتماد الكلي على المصادر الخارجية للغذاء. رغم أن هذه المبادرة هي مبادرة محمودة حيث تهدف إلى تشجيع البحث والتطوير بهدف ترشيد استهلاك المياه باستخدام نظم الري الحديثة واستخدام أحدث التكنولوجيا في الزراعة، ولكن تبقى كُلفة انتاج المنتجات الزراعية في البحرين عالية بسبب البيئة الصحراوية لمملكة البحرين.
قد تتمسك الدول وتهتم بالقطاع الزراعي لحماية المزارعين، ولكن أكثر من 90% من العمالة في قطاع الزراعة في البحرين هم من غير البحرينيين. وعلاوة على ذلك، إنتاجية هذا القطاع منخفضة جدا، وانخفضت الانتاجية الزراعية في البحرين عبر السنين حيث نجد أن نسبة العاملين في الزراعة ارتفعت أكثر من النمو في الانتاج الزراعي بين 2008 و2013. وعدم وجود المياه العذبة والمناخ الجاف جعل الزراعة مكلفة جداً في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن البحرين، تواجه تحديا إضافيا لضيق المساحة، ولذلك تشجيع الزراعة محلياً بهدف تحقيق الأمن الغذائي اليوم هو على حساب الأمن المائي في المستقبل.
أهم المنتجات التي تنتجها البحرين تعتبر جميعها من المنتجات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه. أهم المنتجات الغذائية التي تصدرها البحرين إلى الخارج هي منتجات الألبان، وتستهلك منتجات الألبان بين 5,000-3,000 لتر للكيلوغرام الواحد. كما تنتج البحرين الدواجن واللحوم والبيض التي يكون معظمها للاستهلاك المحلي. انتاج كيلوغرام واحد من لحم البقر يتطلب أكثر من 15,000 لتر من المياه أما لحم الخروف فيتطلب أكثر من 10,000 لتر، وإنتاج بيضة واحدة يتطلب 196 لترا من المياه.
معرفة المحتوى المائي لمختلف السلع والخدمات يرفع من وعي الأفراد بأثر انتاج هذه المنتجات على موارد المياه المحلية. وذلك يشجعها على أن تقلل من زراعة المنتجات الغذائية التي تستهلك الماء بكثافة، واستيرادها من الدول ذات الوفرة المائية، وبهذه الطريقة تحقق البلدان المستوردة وفرات من خلال تجارة المياه الافتراضية.
وقد لا تريد البحرين أن تقلل من انتاج هذه المنتجات الغذائية لتحقق الأمن الغذائي النسبي، ولكن للبحرين خيارات عديدة لتحقيق الأمن الغذائي حيث يمكنها أن ترفع من عدد الدول التي تستورد منها الغذاء، وبذلك لا تكون معتمدة على غذائها على بلدان قليلة مما قد يعرض البحرين للمخاطر المختلفة بما في ذلك التقلبات في أسعار السلع أو نقص في الامدادات بسبب الجفاف، أو اضطرابات في الشحن أو عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وأيضاً من بين الخيارات المتاحة لزيادة الأمن الغذائي للبحرين الدخول في شراكات مع شركات انتاج الأغذية الدولية وبذلك يكون لها حصة في هذه الشركات. وأيضاً تستطيع الحكومة أن تشجع الشركات الخاصة المحلية لشراء أو استئجار أراض في الخارج بهدف إنتاج المحاصيل للاستهلاك المحلي. وكان توجه البحرين للاستثمار المباشر في الأراضي الزراعية في الدول ذات الوفرة في المياه، مثل استثمار البحرين 200 مليون دولار أمريكي في أراض زراعية في السودان، قرارا مهماً يعزز من الأمن الغذائي للمملكة.