ينتج العالم ما يقارب 2.1 مليار طن من القمامة والنفايات، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 3.4 مليارات طن خلال 30 سنة، أي ارتفاع بحوالي 70 بالمئة. وتسعى العديد من الدول إلى معالجة أزمة النفايات التي تنتجها وخصوصاً لأنها تعد مكلفة اقتصادياً وتسبب العديد من الأضرار على النظم الايكولوجية. وأصبح النظام السائد لإدارة النفايات في العالم هو جمع النفايات من المناطق وإلقاؤها في موقع مكب النفايات في مناطق تحددها بلديات الدول.
وحرصا من مملكة البحرين لدعم الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي وحماية البيئة وفي إطار التزامها الراسخ تجاه القضايا البيئية والمناخ، وخلق فرص الاستدامة التي تهدف إلى تحقيق الحياد الصفري حتى عام 2060م، فإن من أحد التحديات البارزة التي تواجه المملكة هي كيفية إدارة النفايات باستدامة على المدى البعيد. وتسعى المملكة إلى إنشاء العديد من المشاريع لإدارة النفايات مثل تحويل النفايات إلى طاقة وغيرها من المشاريع التي تريد الحفاظ على البيئة والنظم الإيكولوجية. وكما ذكرنا في السابق، فإن أغلب الدول لديها نظام خاص بجمع النفايات، حيث عندما تتكدس النفايات في الأماكن السكنية وغيرها، تقوم المركبات بالمرور بجميع الأحياء في المحافظات وجمع النفايات ومن ثم نقلها. وفي مملكة البحرين، تتم إدارة عملية جمع النفايات والتخلص منها في البحرين من قبل شركتين من القطاع الخاص تقع عليهما مسؤولية جمع النفايات الصلبة في المحافظات، وإلقائها في موقع مكب النفايات البلدية في عسكر.
ولفت نظري العديد من الدول التي قامت بإنشاء نظام نقل النفايات الهوائية أو ما يسمى بـ ( (Pneumatic Waste Conveyance System ، وتستخدم هذه الطريقة عن طريق ربط وحدات داخلية أو خارجية لرمي النفايات بأنابيب هوائية موصولة بحاوية مغلقة تحت الأرض، وكانت هذه الطريقة موجودة منذ عام 1960م، وتستخدم في عديد من المدن الكبرى في لندن، وستوكهولم، وبرشلونة، وأمستردام، ويتم تجربتها في الأحياء السكنية في سنغافورة. إلا أن كل مدينة تستخدم هذا النظام بحسب ما تراه مناسباً، فلا يمكن استخدام نفس النظام الذي يتم استخدامه في لندن في مدينة صغيرة كسنغافورة والعكس صحيح.
قامت سنغافورة بتطبيق نظام جمع النفايات بشكل مستدام عبر أنظمة نقل النفايات الهوائية بعد قرارها بجعل التكنولوجيا إلزامية في المناطق السكنية التي لا تقل عن 500 مسكن. تعتقد الحكومة السنغافورية أنه كلما زاد عدد السكان، لا سيما في المناطق الحضرية كسنغافورة، أصبح من الواضح أن الصناديق التقليدية للنفايات والبنية التحتية القديمة المطلوبة لخدمتها لم تعد مناسبة. لذلك تعالج أنظمة نقل النفايات الهوائية العديد من المشكلات التي لا تفعلها طرق جمع النفايات التقليدية التي تعد مكلفة من الناحية الاقتصادية والبيئية. فترى الحكومة أن هذه التكنولوجيا مستدامة وأكثر فعالية من حيث التكلفة من الناحية التشغيلية. وقد أخدنا مثالاً على سنغافورة لأنها تشبه البحرين من حيث المساحة والتحديات.
والسؤال هنا، كيف يعمل نظام النفايات الهوائية؟ على النظام السنغافوري، عندما يلقي السكان في الأحياء السكنية نفاياتهم في الوحدات الداخلية أو الخارجية لرمي النفايات، تستخدم شبكة أنابيب تحت الأرض من النوع الفراغي تنقل هذه النفايات إلى حاوية مغلقة، وبعد أن يتأكد المشغلون أن النفايات امتلأت من خلال مستشعر آلي، تقوم الشاحنة بالمرور وجمع النفايات (أو شفطها) لتفريغ الحاوية. وتتم عملية جمع النفايات بالكامل آليا، وبالتالي تقلل متطلبات القوى العاملة وزيادة الإنتاجية.
وتسعى سنغافورة من خلال هذا النظام إلى خفض نسبة تكدس النفايات فوق الأرض بنسبة 100 بالمائة، بالإضافة إلى تقليل المصاريف الاقتصادية والبيئية المترتبة على الطريقة التقليدية لأنها تتطلب عددا أقل من الموظفين المشغلين والمنظفين مقارنة بالطريقة التقليدية. وبالتالي، يصبح هناك توفير كبير للمال على الأجور، كما يتم القضاء تماما على نفقات المركبات مثل التزود بالوقود والصيانة والمرور بالمناطق والأحياء السكنية على مستوى الدولة والتي تعد مكلفة جداً على المدى البعيد. كما أنه يوفر طريقة صحية للتخلص من النفايات وخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن استخدام المركبات. هذا يعني بيئة صحية للمقيمين وأكثر إرضاء من الناحية الجمالية دون وجود صناديق نفايات على طول الأرصفة. وبشكل عام، يعتبر نظام التخلص من النفايات الهوائية أكثر أمانا وأرخص وأفضل للبيئة على المدى البعيد.
وعلى الرغم من أن نظام النفايات الهوائية له العديد من المزايا، إلا أنه يأتي أيضا مع مشاكل متكررة على طول الطريق يمكن معالجتها. على سبيل المثال، عندما يرمي السكان نفايات كبيرة أو حادة في وحدات رمي القمامة وتقوم الشاحنات بشفط النفايات تحت الأرض، فيمكن أن تسبب حدوث كسور أو تمزقات في الأنابيب لأنها تشفط بسرعة 30-60 ميلا في الساعة، مما يستدعي من المهندسين إصلاح التمزقات وإزالة الكتل، والتي يمكن أن تتسبب إما في تعطل نظام التخلص بالكامل لفترة من الوقت. ومن التحديات الأخرى هي كيفية إدخال البنية التحتية في المناطق الحضرية وتصميمها، كما يتعين على المطورين أو البلدية تحديد التكلفة الحقيقية لهذا المشروع وموازنة الفوائد والعائد على الاستثمار في المستقبل.
المصدر: أخبار الخليج
علي فقيه، باحث مشارك