بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬سعت‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصغرى‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الزراعة‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬معرفي،‭ ‬بل‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬إلى‭ ‬اقتصادات‭ ‬صناعية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬متقدمة‭ ‬تعتمد‭ ‬بدرجة‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬سهلاً،‭ ‬إذ‭ ‬تبنت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬سياسات‭ ‬تنموية‭ ‬وابتكارية‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بـ«مخاطرة‭ ‬مالية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬إلى‭ ‬الفشل‭. ‬وكانت‭ ‬تايوان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬تُعدّ‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬‮«‬النمور‭ ‬الآسيوية‭ ‬الأربعة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬المخاطرة‭ ‬كانت‭ ‬تستحق‭ ‬العناء‭.‬

بدأت‭ ‬تايوان‭ ‬رحلتها‭ ‬التحولية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬عندما‭ ‬أنشأت‭ ‬معهد‭ ‬أبحاث‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الصناعية‭ ‬أو‭ ‬ITRIالذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دورٌ‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬انتشال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التايواني‭ ‬من‭ ‬طابعه‭ ‬الزراعي‭ ‬التقليدي،‭ ‬ووضع‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬المتقدم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭. ‬ويُعد‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬انتقال‭ ‬تايوان‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الفائقة‭. ‬

فمنذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬عام‭ ‬1973م،‭ ‬لعب‭ ‬المعهد‭ ‬دورًا‭ ‬جوهريًّا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الصناعة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭. ‬وقد‭ ‬حصل‭ ‬المعهد‭ ‬في‭ ‬بدايته‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬حكومي‭ ‬قدره‭ ‬نحو‭ ‬800‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬تايواني‭ (‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يُعدّ‭ ‬استثماراً‭ ‬ضخماً‭ ‬ومجازفة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التايواني‭ ‬آنذاك،‭ ‬لكنه‭ ‬عكس‭ ‬إرادة‭ ‬وطنية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬عبر‭ ‬التكنولوجيا‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬شهد‭ ‬التمويل‭ ‬الحكومي‭ ‬للمعهد‭ ‬تزايداً‭ ‬ملحوظاً،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬اتضاح‭ ‬دوره‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬التكنولوجي‭ ‬للدولة‭. ‬ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تراوحت‭ ‬ميزانيته‭ ‬السنوية‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تايواني‭ (‬حوالي‭ ‬500–650‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تشكل‭ ‬الحكومة‭ ‬نحو‭ ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التمويل،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬تأمين‭ ‬البقية‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬الأبحاث،‭ ‬والشراكات‭ ‬الصناعية،‭ ‬وترخيص‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬وتُخصص‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬لدعم‭ ‬مبادرات‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات،‭ ‬والطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2025م،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬الميزانية‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭.‬77‭ ‬بالمئة‭ ‬لتبلغ‭ ‬25.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬تايواني،‭ ‬في‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬نفوذ‭ ‬تايوان‭ ‬الدولي‭ ‬والحاجة‭ ‬المستمرة‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬الصناعية‭.‬

لقد‭ ‬استوحت‭ ‬تايوان‭ ‬سياساتها‭ ‬التنموية‭ ‬جزئياً‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬اليابان‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستخدام‭ ‬الدولة‭ ‬كفاعل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬وآليات‭ ‬نقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والصناعة‭.‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬يمكن‭ ‬لحكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬المستخلصة‭ ‬من‭ ‬النموذج‭ ‬التايواني،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬البحرين‭ ‬للابتكار‭ ‬والتكنولوجيا‮»‬‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مركز‭ ‬وطني‭ ‬للبحوث‭ ‬التطبيقية،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار‭ ‬الصناعي‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬دون‭ ‬إثقال‭ ‬كاهل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتماد‭ ‬آلية‭ ‬بسيطة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬اقتطاع‭ ‬نسبة‭ ‬1‭ ‬بالمئة‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الميزانيات‭ ‬السنوية‭ ‬لكل‭ ‬وزارة‭ ‬وهيئة‭ ‬حكومية،‭ ‬لتكوين‭ ‬صندوق‭ ‬وطني‭ ‬للابتكار‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الأولي‭ ‬للمشروع‭. ‬وسيكون‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬هذا‭ ‬المعهد‭ ‬تطوير‭ ‬قطاعات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬والتصنيع‭ ‬المتقدم،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المالية،‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬الواعدة‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تركيز‭ ‬جهود‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬وتطوير‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والأوساط‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والصناعية،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬النموذج‭ ‬أن‭ ‬يُحدث‭ ‬أثراً‭ ‬اقتصادياً‭ ‬واسعاً،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمنافس‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬بجدية‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬دخلها‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬قد‭ ‬تُعد‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬مجازفة‭ ‬مالية‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وقد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬لتحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬التجارب‭ ‬الدولية‭ ‬الناجحة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المخاطرات‭ ‬المحسوبة‮»‬‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬التنمية‭ ‬الحقيقية‭. ‬فهل‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬تطبيقها؟

يتجه‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة‭ ‬نحو‭ ‬الرقمنة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ويأتي‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭. ‬تُعد‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬بناء‭ ‬بيئة‭ ‬داعمة‭ ‬للابتكار‭ ‬وجذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقارير‭ ‬محلية،‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬115‭ ‬شركة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2024م‭ ‬ونمت‭ ‬عدد‭ ‬الشركات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬بالمائة‭ ‬منذ‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬نموًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭.‬

لعبت‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬المالية‭. ‬وتميز‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬بتبنيه‭ ‬إطارًا‭ ‬تنظيميًّا‭ ‬مرنًا‭ ‬وداعمًا‭ ‬للابتكار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شجع‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬منصة‭ ‬الاختبار‭ ‬التنظيمي‮»‬‭ (‬الساندبوكس‭) ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017م،‭ ‬والتي‭ ‬سمحت‭ ‬للشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬باختبار‭ ‬حلولها‭ ‬المبتكرة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬خاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬باللوائح‭ ‬والتشريعات‭ ‬المالية‭ ‬التقليدية‭. ‬وساعدت‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬المدفوعات‭ ‬الرقمية،‭ ‬تقنية‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬والخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المفتوحة،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية،‭ ‬أسهمت‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬التقليدية‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تشجيع‭ ‬إقامة‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬والشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬علاقة‭ ‬تكافلية‭ ‬تدعم‭ ‬الابتكار‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬المفتوح‭ ‬واعتماد‭ ‬لوائح‭ ‬الحوسبة‭ ‬السحابية‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬البحرين‭ ‬كوجهة‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تطور‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬تبرز‭ ‬فرص‭ ‬كبيرة‭ ‬لتصدير‭ ‬الخبرات‭ ‬والحلول‭ ‬البحرينية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭. ‬فالبحرين‭ ‬تتميز‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬التمويل‭ ‬الإسلامي‭ ‬الرقمي،‭ ‬والمدفوعات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وتقنيات‭ ‬البلوك‭ ‬تشين،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬والمتقدمة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬البحرينية‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬خارجيًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بفهم‭ ‬الأطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬والقانونية‭ ‬المعقدة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭.‬

ولتصدير‭ ‬الخبرات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬فينبغي‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عاملين‭ ‬مهمين‭: ‬الدعم‭ ‬المؤسسي‭ ‬لشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬وإجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدعم‭ ‬المؤسسي،‭ ‬فينبغي‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬والقانونية‭ ‬المعقدة‭ ‬خارج‭ ‬الدولة‭. ‬فسيكون‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والبرامج‭ ‬الموجهة‭ ‬مثل‭ ‬خدمات‭ ‬الاستشارات‭ ‬القانونية‭ ‬وبرامج‭ ‬دخول‭ ‬الأسواق‭ ‬أمرا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لمساعدة‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬دوليًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬للشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

وأما‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث،‭ ‬فتلعب‭ ‬الأخيرة‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬حول‭ ‬البيئات‭ ‬التنظيمية،‭ ‬والاحتياجات‭ ‬السوقية،‭ ‬والمنافسة‭ ‬الدولية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬مختلف‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭. ‬فيمكن‭ ‬للدراسات‭ ‬أن‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬مثل‭ ‬المخاطر‭ ‬التنظيمية‭ ‬أو‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬أو‭ ‬العوائق‭ ‬البيروقراطية‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يمكن‭ ‬للدراسات‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الفروقات‭ ‬التنظيمية‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والدول‭ ‬المستهدفة‭. ‬فكل‭ ‬سوق‭ ‬لديه‭ ‬إطاره‭ ‬القانوني‭ ‬الخاص،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يختلف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬المتبع‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يمثل‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نموذجًا‭ ‬ناجحًا‭ ‬للابتكار‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬البيئة‭ ‬التنظيمية‭ ‬الداعمة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المتطورة‭ ‬فرصًا‭ ‬واعدة‭ ‬للنمو‭ ‬المحلي‭ ‬والتوسع‭ ‬العالمي‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتطلب‭ ‬تعزيز‭ ‬صادرات‭ ‬الخبرات‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬دعمًا‭ ‬مؤسسيًّا‭ ‬قويًّا‭ ‬ودراسات‭ ‬متخصصة‭ ‬لفهم‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية،‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬الشركات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬وترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬وعالمي‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭.‬

المصدر: أخبار الخليج

علي فقيه، محلل أول