تعتبر منطقتنا من أفضل المناطق من حيث قوة سطوع الشمس وانتظامها على مدار العام، ممّا يجعل دول الخليج قادرة على إنتاج كميّات كبيرة من الطاقة الشمسيّة، وأن تكون رائدة في هذا المجال، يمكنها أيضا أن تكون مُصدّراً رئيسياً للطاقة الشمسية للدول المجاورة، هذا مهمٌّ، خاصّة بعد زيادة الوعي العالمي حول ظاهرة الاحتباس الحراري التي بدأت أعراضها بالظهور في منطقتنا – حيث كان شهر أبريل 2014 أحرّ شهر أبريل في تاريخ البحرين منذ 1902 وكان مايو من هذا العام ثاني أحر شهر مايو. إذا كانت الشمس مصدراً للطاقة النظيفة التي لا تنضب، ولا تسبّب أيّ مخلّفات أو أخطار، فلماذا التأخّر في استخدامها؟ يمكن تقسيم أنواع الطاقة الشمسية إلى قسمين رئيسيين منها ما ينتج الكهرباء مباشرة كالألواح الفوتوفولتية (solar photovoltaic panels) أو ما يسمّى بالخلايا الشمسية، وهي خلايا تمتصّ فوتونات الطاقة الشمسية فتنفصل الإلكترونات من الذرّات الموجودة في الخلية الشمسية، وتتدفّق هذه الإلكترونات خلال الخلية لتنتج الكهرباء. أمّا الطريقة الأخرى فهي الطاقة الشمسية الحرارية التي عادة ما تستخدم في تسخين الماء أو لتوليد الكهرباء عن طريق تركيز أشعة الشمس (concentrated solar power) حيث يتمّ إنتاج الكهرباء عن طريق مرايا تركّز الطاقة الشمسية في بقعة معيّنة وتحوّلها إلى طاقة حرارية، ومن ثمّ تحوّل هذه الطاقة الحرارية إلى كهرباء. هناك تحديّات عديدة يجب أن تؤخذ بالاعتبار في حالة استخدام الطاقة الشمسية. أولا: الطاقة الشمسية رغم انخفاض أسعارها تدريجيّاً في السنوات الماضية، إلّا أنّها تبقى من أكثر مصادر الطاقة كلفة، فتحتاج هذه التكنولوجيا إلى دعمٍ من الحكومة لتتنافس مع المصادر الأخرى كالنفط والغاز. واجهت الدول التي تنتج جزءًا كبيرأ من الكهرباء من الطاقة الشمسية مثل إسبانيا وألمانيا عبء دعم الطاقة الشمسية، وشهدت ارتفاعاً في أسعار الكهرباء، فأصبحت إسبانيا وألمانيا من أكثر الدول الأوروبية غلاءً في أسعار الكهرباء. ومع الدعم من الدول الخليجية لمصادر الطاقة الإحفورية وللكهرباء تستلزم الطاقة الشمسية دعماً كبيراً للتنافس مع المصادر الأخرى، ولهذا يكون العبء على الحكومة كبيراً. البيئة الصحراوية للمنطقة تشكّل أيضاً تحدّياً آخر، فتطاير الأتربة واستقرار الغبار على الألواح الشمسية يقلّل كثيراً من إنتاجية الألواح. هناك دراسات عديدة أقيمت لتحديد أثر الغبار على إنتاجية الألواح في الدول العربية، التي أثبتت انخفاض إنتاجية الألواح 50% في المملكة العربية السعودية خلال فترة 6 شهور، وانخفاض الإنتاجية 17-65% اعتمادا على زاوية ميل الألواح في الكويت خلال 38 يوماً، وانخفاضها 33.5% في مصر خلال شهر، وارتفاع هذه النسبة إلى 65.8% خلال ستة شهور. وأيضاً نسب الرطوبة العالية في منطقة الخليج تؤدي إلى تجمع قطرات الماء على الألواح الشمسية؛ ممّا يؤدّي أيضا إلى خفض إنتاجيّتها، ونسب الرطوبة تكون مرتفعة خاصّة في فصل الصيف عندما يكون الطلب على الطاقة في ذروته، فيصبح تنظيف الألواح ضرورياً بانتظام، وهذا يتطلّب كميّات كبيرة من المياه. ولكنّنا نواجه في دول مجلس التعاون شحّاً متزايداً في المياه جعلنا من أكثر الدول استخداما للتحلية التي تستهلك جزءًا كبيراً من الطاقة. هناك تقنيات حديثة طُوّرت لحلّ هذه المشكلة، وهي تقنيات تنظّف هذه الألواح من دون استخدام المياه، ولكنّها باهظة الثمن، فتزيد من كلفة استخدام الطاقة الشمسيّة. درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها المنطقة أيضا تقلّل من إنتاجيّة الألواح الشمسيّة، وتقصّر من عمرها. وللتقليل من حرارة الألواح يمكن وضعها في وضعيّة تسمح للهواء بالتدفق من فوقها وتحتها، وبدل استخدام الخلايا الشمسية يمكن الاستفادة من حرارة الشمس عن طريق تركيز الطاقة الشمسية، ولكن التكنولوجيا المستخدمة في تركيز الطاقة الشمسية باهظة الثمن. رغم جميع هذه التحديات تبقى الطاقة الشمسية مصدراً واعداً للطاقة؛ فأسعار التكلفة آخذة بالتدني، والتكنولوجيا آخذة بالتطوّر، والشركات المصنّعة لهذه التكنولوجيا تركّز جهدها على زيادة إنتاجيّة منتجاتها وتطويرها للتغلّب على المشكلات التقنيّة الآنف ذكرها. والتوجّه للطاقة الشمسية يساعد في تنويع مصادر الطاقة فيقلّل الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسيّ لتوليد الكهرباء، وهذا مهمّ خاصّة بعد نقص احتياطات الغاز في البحرين والحاجة إلى الالتجاء إلى استيراد الغاز في المستقبل القريب في حال عدم الالتجاء إلى مصادر أخرى. فبدأت دول الخليج ببناء محطّات توليد الطاقة الشمسية باستثمارات تتجاوز 155 مليار دولار يتوقّع إنجازها عام 2017، ومن المتوقّع أن تولّد هذه المشاريع 84 جيغاواط من الطاقة. وبدأت بوضع خطط وأهداف طويلة المدى لترفع حصّة الطاقة الشمسيّة كمصدر مهمّ في إنتاج الكهرباء. وبدأت البحرين كنظيراتها بالاهتمام بالطاقة الخضراء، فأقامت المؤتمرات والفعاليات المختلفة حول الطاقة الخضراء، وكلّفت شركات عالمية مثل بتروسولرPetrosolar)) وفيتشنر ((Fitchner للقيام بدراسات حول الجدوى الفنية والتجارية لموارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في البحرين، وأعلنت هيئة الكهرباء والماء بعد هذه الدراسات عن خطة لإنشاء محطّة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يبلغ إنتاجها الإجمالي 5 ميغاوات، وتستخدم في هذه المحطّة أنواع مختلفة من الألواح الشمسية الفوتوفولتية لتحديد أكثرها مناسبة لبيئة مملكة البحرين. ولربما ستتمكن البحرين مستقبلا من تجاوز التحديات التقنية والاقتصادية التي منعتها من الاستفادة من طاقة الشمس المتاحة حتى الآن.